المواضيع الأخيرة
بحـث
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 268 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 268 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 397 بتاريخ الجمعة نوفمبر 22, 2024 9:55 am
أفضل 10 فاتحي مواضيع
هوائيات | ||||
بدأ الأمر | ||||
هُدهدُ | ||||
دكتور خليل | ||||
هاني | ||||
فارقليط | ||||
طائر السماء | ||||
العقاد الأكدي | ||||
يماني | ||||
حارث |
دخول
كتاب النبي دانيال
صفحة 1 من اصل 1
كتاب النبي دانيال
يقول دانيال << ان الملك تهيج به حرارة من قبل الشراب، فتأتي علي نفسه.ثم يملك من بعده رجل برأسه شامة بيضاء، قد كان قبله ابن للملك الذي هاجت به الحرارة، وكان مذموما، وكان في القران الضيق، وتناقض البلدان لكثرة الخوارج والصعاليك والكراد والأعاريب وقطاع السبيل، فخلع من الخلافة، وقيل: في سر، وكان قاتله صاحب الشامة الذي تولي الأمر، فانقادت له الجبابرة في الأطراف من الأرض، وصلح أمر الناس في زمانه، وهابه الصغير والكبير، فيبقي في الملك عشرة أعوام، ثم يموت؛
ويتولي بعده ابنه الأمر فيملك أقل من ثمان سنين، ثم يموت؛
ويتولي الأمر بعده غلام لم يحتلم، فيكون في زمانه دولة الاماء والصبيان والخدم، ويتسع الناس في تجاراتهم وضياعهم حتى يستغني الفقراء، ويكثر الفساد في المدائن كلها للبطر الذي أخرجهم الى معاصي الله، فيبقي اثنين وعشرين سنة، ثم يخلع فيبقي ثلاثة أيام، ثم يرد الى الملك، فيملك أقل من ثلاث سنين، ثم يقتل علانية.
ثم يتولي الأمر بعده أخوه، ثم من بعد أخيه ابنه.
ثم يقع التدابر والاختلاف بين الامراء من العجم، فلا يزالون يخلعون خليفة ويولون خليفة، ويعزلون من أرادوا، ويولون من أرادوا مدة غير طويلة الى أن يصير الأمر بعدها ولاء (الي) أن يتول أمر الناس رجل من ولد الملك السابع.
ثم يتولي بعد شهور يسيرة رجل من أهل بيت الملك الثالث، يقال له: (السفياني، عنبسة بن هند)وهو رجل شاب ربعة، فظ الوجه، ضخم الهامة، في وجهه أثر جدري، يكسر عينه اليسري كسرا شديدا، يحسبه من يراهأنه أعور، تجتمع اليه قبائل العرب، فيكثر أصحاب السفياني، ويعظم أمره، وينتصب له رجل من ربيعة، فيحاربه شهرا، ويستغنم (الجرهمي) شغل السفياني بالربيعي فيغلبه علي حمص، ويخرج (الأصهب) بنصر،ويخرج (الجحافي)باصطخر من فارس، ويخرج (الباري)بما سندان فيغلب علي الجبال التي تليه، ويخرج علي (الجحافي) رجل من الأنبار، فيحاربه (الجحافي) بالكراد حتى تكثر القتلي بينهم، ثم يدعوه (الجحافي) الى الصلح علي أن يوليه فارس، ويجعله خليفته، ويأتيه ويكون معه، فيختار أن يلي نصف أرض فارس وما يليها من الأهواز، فتشتعل الأرض بالفتنة والحرب، فيرسل اليه، فيدعوه الى طاعته، ويجعله خليفته، فلا يجيب (الجرهمي).
فيقوم السفياني في أصحابه خطيبا علي منبر دمشق، فيقول:
يا أهل هذا المصر، يا أهل دمشق، أنتم لحمي ودمي، وأنا عدو عدوكم، وحبيب حبيبكم، ويمنيهم ويعدهم أنه لا يستأثر عليهم بشيء.
ثم يخرج الى معسكره من الوادي اليابس،ثم يدعوه (الجحافي) الى الصلح، فلا يجيبه، فتشتعل الأرض بالفتنة والحرب، فعند ذلك يبقي الملك الأعلي ومن معه من الموالي الخاصة وغيرهم، لا مادة لهم، ولا يأتيهم مال.
فيرسل الى بني عمه الذين بالمدينة العتيقة، وأصحابه من أهل خراسان أن الأرض قد فسدت علينا وعليكم، ولا مال يأتينا ولا يأتيكم، فعلام نقتل أنفسنا وجندنا، بل نصطلح، وتجتمع كلمتنا، ونكون يدا واحدة علي عدونا، ونكتب وتكتبون الى ابن عمنا الذي بالبصرة، واخواننا من أهل البصرة بمثل ما دعونكم اليه من الصلح، ونجتمع ونحارب أعداءنا، وان لم تفعلوا ونفعل نهلك قتلا وجوعا.
فيفعلون ذلك ويصطلحون، ويبايعون الملك الأعلي، ويستقرضون من التجار، ويتهيأون لمحاربة أعدائهم، ويسير صاحب البصرة الى الأنبار، ويسير أهل المدينة العتيقة الى (البكري) الذي بماسندان، فيحارب بعضهم بعضا، ويسير (البرقي) الى (الجرهمي).
ثم انهم يصطلحون علي أن يرجع (البرقي) الى (برقة)،ويسالم كل واحد منهما صاحبه ولا يقاتله، ويكون كل واحد منهما علي ناحيته.
أما (الجرهمي) فيكون علي ما يليه من أرض الشام، وأما (البرقي) فيكون علي ما يليه من حد (برقة) وما وراء برقة من المغرب، علي أنه متي نازع أحدا منهما عدو أتاه صاحبه فنصره عليه، فيصطلحون علي ذلك. ....
<< ثم يسير (الجرهمي) الى صاحب مصر، فيحاربه فيهزمه المصري، ثم يتداعون الى الصلح علي أن يكونا جميعا علي (السفياني) ويصطلحون علي ذلك، ويرجع (الجرهمي) الى الشام، ويقيم (المصري) بمصر.
ثم يقوم (السفياني) في أهل دمشق، فيقول: يا أهل (دمشق)، انما أنا رجل منكم، وأنتم خاصة جدي (معاوية بن أبي سفيان) وليكم من قبل ملكه، فأحسن وأحسنتم، ثم قتل صاحبه فطلب بدمه واستنصركم، فنصرتموه، وقتل معه أشرافكم، وأنا اليوم أطلب بثأر أهل بيتي، وبثأر من قتل من أشرافكم، فمن أحق بنصرتي علي ذلك منكم!! فينادونه بالاجابة، ويبايعونه.
ثم يكتب عند ذلك الى (الجرهمي) يدعوه الى طاعته علي أن يوليه اذا استقام الأمر موضعه الذي هو فيه، ويزيده ولا يؤاخذه بما كان منه، فيجيبه.
ويكتب الى (البرقي) بمثل ذلك؛
وكل هؤلاء وغيرهم من أهل كل بلد قد بلغهم، وسمعوا من علمائهم أن رجلا يقال له: (السفياني) يخرج علي الملك الذي في زمانه، فيغلبه ويغلب كل من حاربه حتى يملك، ويستقيم له أمر مملكته، فيجيبونه الى ذلك؛ فيأتيه (الجرهمي) فيبايعه واسم الجرهمي (عقيل بن عقال)، ثم يبايعه (البرقي) فيتابعه، واسم البرقي (همام بن الورد) فيجعل (الجرهمي) علي الجبل، ويجعل (البرقي) علي الرجالة، وكل علي خيله ورجالته من خاصته الذين معه وعلي أنه والي علي موضعه من قبل السفياني.
وبلغ صاحب مصر خبره، فيرسل اليه بالطاعة، فلا يرضي الا أن يأتيه، فيأتيه فيبايعه، ويرده الى مصر، فيمنعه أهل مصر الدخول الى مصر، فيرجع، فيخبر السفياني، فيسير اليهم السفياني، ويخرج اليه أهل مصر فيلتقون، فيقتتلون علي قنطرة (الفرما) أو دونها سبعة أيام، ثم ينصرف أهل مصر، وقد قتل زهاء سبعين ألف نفس، ثم يصالحه أهل مصر ويبايعونه، فينصرف عنهم، ويرجع الى الشام.
فيعقد لأصحابه، ويقود القواد، ويعقد لرجل من حضر موت علي أرمينية وما يليها؛
ويعقد لرجل من خزاعة علي ثغور الروم من ناحية الأندلس؛
ويعقد لرجل من بني عبس علي ثغور الروم التي تلي عسقلان؛
ويعقد لرجل من بني تغلبة علي الثغور التي تلي الشام من دون أرمينية الى حد المصيصة.
ويتوجه البرقي الى أفريقية، فيلتقون فيقتتلون ثلاثة أيام، فيقتل من أهل أفريقية نيفا علي ثمانين ألفا، ثم يصالح أهل أفريقية (البرقي) ويبايعونه للسفياني كذلك، ويولي عليهم ابنا له، ويرجع هو الى (برقة).
ويكتب الى السفياني بذلك، فيكتب، أن يستخلف علي برقة وما يليها ابنه أو من يرضاه، فيفعل.
ثم يسير السفياني يريد برقة، وخليفته علي جميع جنده رجل من بني زهرة من طي، يقال له (الزهري المؤمل بن نباتة) ويجعل علي مقدمته من جهينة اسمه (المقدام بن الهقل).
ويبلغ الملك خروجه وأهل العراق، فيقولون للملك: هذا رجل قد بلغنا أنه يملك، وأنه يقتل كل من حاربه ممن يرجو أن يظفر به فيقاتله، بل نلزم بيوتنا أو نهرب عنه اذا بلغ الينا!
ويبلغ ذلك من قولهم الملك ويسوؤه ذلك، ويجمع خاصته من الأترك والعجم من أهل خراسان وغيرهم، فيقول لهم:
ان هذا العدو لا نطيقه، ولا نقاتله الا من كان علي مثل رأيكم، فاستعدوا لقتاله، ودعوا الوجوه الاخر.
ثم يجمع أهل بيت المملكة ومواليهم ويرسل الى بني عمهم قبيلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم (بنو هاشم) فيعلمهم أن هذا هو السفياني يجدونه في أخبار مشايخ العلماء، أنه يخرج فيقتل كل من قدر عليه من ولدها ومن مواليهم، فالرأي أن تخرجوا اليه في مواليكم وعبيدكم، ومن أطاعكم، فنحاربه علي أنفسنا وملكنا حتى نظفر أو نهلك، فانا ان أمسكنا عن قتاله لم يمسك عنا، ومتى قدر علي أحد منا ذكرا كان أو انثي لم يستبقه قتلا وذمارا.
فيجتمعون ويتوجهون اليه في سبعة عسكر يتبع بعضها بعضا، في أوائلها الجيش الكبر في الأترك وعجم أهل خراسان ومن أطاعهم من سائر الناس، ولا يخرج بهم من سائر أهل الأمصار الا الجهال لما قد بلغهم أن السفياني يقتل كل من ظفر به الى أن يأتي بلدهم، فيحاربوه عن حريمهم، وبنادر عسكر الملك.
فيسير الأول فينزل الرقة، والعسكر الثاني دونه بمرحلة، ثم الثالث دون الثاني بمرحلة، ثم الرابع دون الثالث بمرحلة، ثم الخامس دون الرابع بمرحلة، ثم السادس دون الخامس بمرحلة، ثم السابع دون السادس بمرحلة؛
ويقتل القائد الأول ومعه الأترك وغيرهم، وهم سبعون ألفا ونيف، ويعجلون السير الى الرقة، فيلقاهم السفياني فيقتتلون يومهم وليلتهم في ليلة النصف من الشهر في ضوء القمر، فيقتل منهم مائة ألف قتيل، كثرهم من جند الملك.
ثم ينهزم جند الملك الى الرقة، وقد بلغ أهل الشام من أهل كل مدينة، مسير السفياني والتقاؤه هو وجند الملك، فقالوا: نحن مع من غلب.
ويسير السفياني خلفهم الى الرقة، فيلتقون فيقتتلون، فيهزم السفياني من جند الملك، وتجتمع العسكر كلها الى دون الرقة، وتعجبهم كثرتهم، ثم يلتقون فيقتتلون، فيهزم جند الملك، ويتبعهم السفياني يقاتلهم كل يوم وهم ينهزمون حتى يبلغ بهم (الأنبار) من أرض العراق، وجند السفياني في الجانب الغربي، وفيه يحاربهم جند الملك.
فاذا صاروا الى الأنبار، عقد جند الملك الجسر، وعبروا أسفل الأنبار بمسيرة نصف يوم، ثم قطعوا الجسر وأخرجوا سفن الجسر وغيرها لكيلا يعقد السفياني فيها جسرا ويعبر اليهم، وللسفياني سفن فيها خزائنه أخذها من الرقة، فجعل فيها خزائنه والأعلاف من التبن والشعير والدقيق، وسفن التجار فيها الدقيق، وجميع ما يباع من التمر والفوكة وغير ذلك، فقال للتجار: أخرجوا ما في سفنكم الى الشط.
ثم يجمع تلك السفن فعقد جسرا، ثم أرسل الفرات، فأتي السفن ليعقد للتجار جسرا، ويرد عليهم سفنهم أو بدلها، أي ذلك أحبوا فعل،وأجابهم اليه، فعقد الجسر وأقامه؛
ثم أرسل الى أسفل الفرات ليؤتي بالسفن التي هي هنالك، فاذا السفن التي يؤتي بها أحكم صنعة وأجود من السفن التي كانت معه، فلما رأها كذلك اشتراها، وعقدها جسرا، ورد تلك السفن الى أصحابها.
ثم ان السفياني يعبر، فيلتقون مع جند الملك دون الفرات، فيقتتلون فيقتل من جند الملك نصفهم، وينهزم الباقون الى موضع يقال له (عقرقوف) وهنالك بساتين ونخيل وأشجار وأنهار يأخذ بعضها من بعض، فيأمر السفياني أصحابه كلهم فيرحلون، ويدخلون فيقاتلون جند الملك الى مدينة الملك.
ويرسل الى جميع من يرجو نصره من شاطي ء دجلة الى أرض الجبل الى البصرة، والي الأهواز وفارس أن يعينوه، فيجتمع اليه ثلاثمائة ألف من الناس، ويعسكر علي ثلاثة فراسخ من دجلة فيما بين عقرقوف ودجلة ناحية المشرق ونحو الفرات، ويتبعهم السفياني فيقتتلون أشد قتالا كان قبل ذلك.
فيهزمون جند الملك، ويتبعهم الى دجلة، ويحولون بينهم وبين من يليهم، فيغرق كثرهم، ويرمون أنفسهم في دجلة فيغرقون، ويهرب بعضهم الى أسفل من ذلك الى مدائن كسري، ويبقي الملك في المدينة.
فيحاربهم السفياني ويخرج اليهم الملك، فينزل علي باب مدينة الملك، ويصف جنوده حول المدينة، وعلي مدينة الملك سور قد بناه علي مدينة حديثة البناء لم يستحكم بعد، ومع هذا (القيسي) قوم من الأعراب معهم نساءهم وأولادهم، ويقاتلون معه في الناحية التي أمره الملك أن يقيم بها، ويكفيه ناحيتها، وخلف القيسي أيضا جندا، عليهم بعض قواد الملك، قد أحدقوا بسور المدينة لكيلا يدخلها جند السفياني فيحاربهم، ولا يزال السفياني يحاربهم ويمنعهم المسيرة من فوق المدينة ومن تحتها، ويرسل السفياني جندا الى (المدائن) فيأخذونها وجميع السفن، فيعقد الجسر أسفل المدينة مما يلي المدائن.
ويعبر نصف جنده، فيحاصرون مدينة الملك شهرا، ثم يهدمون السور، ويدخلون المدينة، فيقتلون الرجال في السكك والأسواق والدروب، ويدخلون الدور فيقتلون من فيها، ويأخذون الأموال والأمتعة، ويأخذون من استحسنوا من النساء والجواري والغلمان، ويأخذون بنات القيسي الذين هم قومه، فيردفونهم خلفهم، وعلي نساء القيسي خلاخل من فضة يري بريقهن وهن مرتدفات خلف الأترك.
نكمل معا لنتعرف على الحسني وجيش الخسف ..
<< ويبلغ الملك الهزيمة، فيخرج من المدينة فيمر مستخفيا هاربا من دار الى دار، ومن درب الى درب حتى يفلت فيأتي (حلوان).
ويغضب (القيسي) فينادي في أصحابه القيسيين: ألحقوا بنا القوم الذين أخذوا حرمنا نقاتلهم حتى نستنقذ حرمنا أو نموت.
فيخرجون، فاذا رأينهم رمين بأنفسهن عن الدواب، ويلا حقهن القيسيون مصلتي السيوف، فيقتلون بعض الأترك، ويهرب عنهم اولئك الأترك، وهم قليل فيأخذون نساءهم، ويرجعون.
ثم يفتح، المدينة ويسأل السفياني عن الملك، فيقال له: قد هرب، ويظهر الملك بحلوان، ويجتمع اليه بنو هاشم ومواليهم في جند أغلبهم من قد وطن نفسه علي الموت من الأترك، لأنه قد قتل كثرهم.
فيسير اليهم السفياني، فيصلون (حلوان) فيقتل من جند الملك نيفا علي خمسين ألف، وينهزم الملك، ويتفرق عنه أصحابه، ويومئذ لا يبقي تركي من جند الملك الا قتل، ويهرب الملك الى خراسان، ويرجع السفياني الى (المدائن) فينزلها، ويخطب في أصحابه يوم الجمعة، وعليه لباس أحمر، وعلي رأسه عمامة خضراء، وهو شاب ربعة، فظ الوجه، ضخم القامة، في وجهه أثر جدري، يكسر عينه اليسري، يحسبه من لا يعرفه أعور، وليس بأعور.
ثم ينزل عن المنبر، فيقود القواد، ويولي الولاة علي الوجوه التي افتتحها، ويأمر خليفته (الزهري) واسمه (عبيد بن نباتة الزهري) والثاني (مالك بن المقدام) أخو (المقدام الجهني) والثالث (المعمر بن عباد الهلالي) والرابع (الطفيل ابن عمرو العبسي) والخامس (نصر بن منصور القيسي) وهو (ابن عمر بن عمرو القيسي) والسادس (غالب بن عامر الكلبي) والسابع (عمارة بن عقال العامري) والثامن (مسمع بن سالم الربعي الشيباني) والتاسع (وائل بن ربيعة اليشكري) والعاشر (مسروق بن مسعدة التغلبي) من تغلب ربيعة.
ثم يأمر الزهري أن يسير الى الكوفة، فان دخلوا في طاعته وبايعوا له أخذ بيعتهم، وولي عليهم رجلا منهم يرضاه، وسار الى المدينة، ثم الى مكة، وان هم أبوا وقاتلوا قاتلهم، فان ظفر قتل الرجال وسبي النساء والذراري، وأخذ الأموال، وسار الى المدينة يفعل مثل ذلك، ثم سار الى اليمن، فيفعل مثل ذلك.
فيسير الزهري، ويسير وائل بن ربيعة اليشكري الى البصرة وأرضها، ويسير عمارة بن عقال العامري الى خراسان - وهو خليفة لابن السفياني - فيسير كل واحد من هؤلاء الى الوجه الذي وجه له، فيحارب أهله، فيظهر عليهم، ويستقيم له أمر سواد بابل، وأرض البصرة، والأهواز وفارس الا أهل الكوفة، فانه يحاربهم أربعة أيام، فيهزمهم ويدخل الكوفة، فيقتل الرجال ويدخل علي النساء، فيقتل كل من يمتنع منه، فكم من امرأة حامل مبقورة البطن، وكم من عذراء مفترعة، وكم من وليد مشدوخ، ومال منهوب، وجارية عذراء مكشوفة تساق كما يساق السبي من الروم وأهل الكفر، ويقيم في ذلك عشرة أيام.
ثم ينزل بين الحيرة والكوفة، ويكتب بذلك الى السفياني، فيكتب اليه: أن قد أصبت فاقسم الفيء بين أصحابك، وسر لوجهك الذي امرت به أن تسير اليهم.
فيقسم السبي والأموال بين أصحابه، ويسير الى المدينة، فيجتمع أهل المدينة، فيسألوه أن يعطوه مالا ولا يدخل اليهم، ويسير عنهم.
فيأبي ذلك عليهم، ويقاتلهم فيهزمهم، ويدخل المدينة، فيقتل الرجال والنساء والولدان من الجواري والغلمان، فكم من قتيل علي باب داره وفي داره، وكم من بطن مبقورة، وكم من وليد مشدوخ، وعذراء مفترعة، ومال منهوب.
ثم يخرج بالسبي من الذراري والأموال، فينزل ظاهر المدينة، ثم يعرض عليه السبي، وفيهم غلام وجارية من ولد بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم اسم ذلك الغلام (علي) واسم تلك الجارية وهي اخته (فاطمة) قتل أبوهما في من قتل، واسم أبيهما (محمد بن عبد الله) واسم امهما (فاطمة).
فيقول الزهري للغلام: من أنت؟
فيقول له: اسمي علي بن محمد بن عبد الله، واسم امي فاطمة بنت محمد بن عبد الله.
فيقول للجارية: من أنت؟ فتقول: أنا اخت هذا الغلام.
فيقول: ما اسمك؟ فتقول: اسمي فاطمة باسم امي.
فيقول: والله ما قاتلني الا أبوكما.
فيأمر بهما فيبطحان قدامه، ويأخذ الحربة فيدخلها في بطن الجارية، فيحول أخوها وجهه عنها، فيقول الزهري لمن علي رأسه: حولوا وجهه الى اخته ليري الخزي والهوان!!
فيحولون وجهه الى اخته، فيغض بصره، ويضع يده علي عينيه، فيدخل الحربة في بطنه، ثم يدخلها في دبره، ثم في دبر اخته، والغلام يقول:
اللهم لك الحمد، عجل له ولأصحابه النقمة والخزي، وعرفهما قدرتك.
ثم يأمر بهما فيرميان تحت الخيل لتطأهما الخيل، فلا تطأهما، فيأمر بهما أن يحملا، فيرميا خلف عسكره، فيفعل بهما ذلك.
ثم يقسم السبي بين أصحابه، ولا يرأف ولا يرحم، فكم من جارية تباع، وكم من غلام يباع، ثم لا يترك أحدا يشتريهم الا أصحابه، فيقيم خارج المدينة ثلاثة أيام، وقد هرب منه بعض أهل المدينة الى الجبال والشعوب والأودية.
ثم يخرج يريد مكة ومعه جيشه، فاذا بلغ موضعا يقال له (البيداء) نادي صوت من السماء: يا بيداء أبيديهم.
فتبلعهم الأرض الى أعناقهم، وتبقي رؤوسهم خارجة وتبقي جميع خيلهم وأثقالهم وخزائنهم وجميع مضاربهم والسبي علي حالهم، ولم يفلت منهم الا رجلان، ضل لهما بعيران عليهما أثقالهما، فيخرجان في طلبهما فيجدانهما، فيأخذانهما، ويرجعان يريدان العسكر.
فاذا جبرئيل الملك الأمين عليه السلام قد تلقاهما، فيقول لهما: أين تريدان؟
فيقولان: نريد العسكر. فيقول لهما: أشهدتما الوقعة؟ فيقولان: لا، نحن أخوان لأب وام، مع أننا أخرجنا أبونا معه، ونحن كارهان للخروج في هذا الجيش، ما قاتلنا معهم، ولا أعنا، ولو أمكنا ألا نصحبهم لفعلنا، قد علم الله ذلك منا.
فيقول لهما: فلذلك أضل الله بعيريكما، هذا العسكر قدامكما، فامضيا.
فيأتيان العسكر، فيريان ما أصاب القوم فيسترجعان، فيقول جبرئيل:
قد أنجكما الله لترككما القتال مع أبيكما وكراهتكما لذلك، فليمض أحدكما الى السفياني، فيعلمه بالذي أصاب جيشه، ويذهب أحدكما الى أهل مكة بما أرسله به اليهم.
فيقولان له: نعم، أرسلنا. فيقول للذي يرسله الى السفياني: ما اسمك؟
فيقول: اسمي (وبر). فيقول له: اذهب أنت يا وبر الى السفياني، فأخبره بما لقي جيشه بالبيداء من أرض الحجاز، جازاه الله بما فعل بأهل الكوفة وأهل المدينة، وبقتله من قتل وبما صنع بالأنفس الطيبة الطاهرة الزكية من العترة الهادية المهدية.
ثم يتفل في وجهه، فيتحول وجهه الى قفاه، ويقول له: ان هذا آية لك حتى تخبر السفياني بما لقي جيشه، فساعة تخبره يرجع وجهك الى ما كان.
ثم يقول للآخر: ما اسمك؟ فيقول: اسمي (وبره). فيقول له: اذهب أنت يا وبره الى مكة، فانك تجد فيها من ولد الطاهرة (فاطمة بنت محمد) النبي الامي زوجة ولي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وولي المؤمنين، فيهم شاب أبيض، حسن الوجه، قاعد وسط جماعة من أهل بيته من أهل مكة، فأخبرهم بما صنع جيش السفياني بأهل الكوفة، وبأهل المدينة، وبما عاقبهم الله تعالى بعد ذلك بالبيداء، أحياء قد أبتلعتهم الأرض الى اعناقهم ورؤوسهم خارجة، وهم أحياء الى قدومك عليهم حتى تراهم أنت وأصحابك، ثم تبلعهم الأرض.
وتجد عسكر السفياني بما فيه من خزائنه وأمواله، وتجد السبي الذين سبوا من أهل الكوفة، ومن أهل المدينة علي حاله، فترد كلا الى أهله، وتقسم الفي ء ثلاثة أثلاث: ثلثا لأهل المدينة، وثلثا لأهل الكوفة، وثلثا بين أصحابك، غير أنك تنظر ما اخذ من أهل الكوفة وأهل المدينة، فترد ذلك الى أهله بعد أن يعرف ذلك ويعرفه الذين اخذ منهم.
ثم ان جبرئيل يتفل في وجهه، فيتحول وجهه الى قفاه حتى يبلغ الرسالة، فيأتي (وبره) مكة، فيبلغها قبل أن يأتي (وبر) السفياني، فيجد أهل مكة، وفيهم الرجل الذي وصفه جبرئيل، فيبلغه ذلك، فيبايع له أصحابه، ثم يعرضهم، فيجدهم (ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا) يأخذ بيعتهم بين الركن والمقام، ويرجع وجه (وبره) الى حاله الأول، ويخرج مسرعا الى المدينة ويرجع معه.
ويبلغ (وبر) السفياني وهو نازل بالأنبار - قدم من المدائن، فنزل الأنبار - فيبلغه، فساعة يبلغه يتغير لونه، ويسود وجهه، وتأخذه الرعدة، ويقع متخبل البدن، ويرجع وجه وبر الى حاله الأول.
ويطوي الله الأرض للطاهر الخارج من مكة، واسمه (محمد بن علي) من ولد السبط الكبر الحسن بن علي، فيتسمي بالامام الحسني، فيبلغ البيداء من يومه، فيجد القوم أبدانهم داخلة في الأرض، ورؤوسهم خارجة، وهم أحياء، فيحمد الله هو وأصحابه، وينتحبون بالبكاء، ويدعون الله ويسبحونه ويحمدونه علي حسن صنيعه اليهم، ويسألونه تمام النعمة والعافية.
فتبلعهم الأرض من ساعتهم تلك، ويجد الحسني العسكر علي حاله، والسبي علي حاله، وقد اجتمع اليهم من بلغه خبرهم ممن كان هرب من المدينة ومن كان حول المدينة.
وكان جبرئيل عليه السلام قد تشبه لهم جميعا برجل من المعمرين، فقال لهم: لا تتعرضوا لشيء، فان اخوانكم المؤمنين مع ولي الله الحسني يأتونكم وهم في العسكر، والسبي مسرورون بالذي صنع الله بجيش السفياني.
فيأمر السبي (من) النساء والجواري والغلمان، أن من عرف شيئا مما أخذ أصحاب السفياني فليخبرنا به، وفي السبي نساء قد ولدن الأولاد غافلات، قد عرفن ذلك من أهل الكوفة، ومن أهل المدينة، فيعرض عليه شيء فشيء، فيعرض عليه نساء أهل الكوفة والجواري والغلمان والأمتعة والذهب والفضة، وسائر الأموال، ويعرض عليه نساء أهل المدينة، وما اخذ من الجواري والغلمان والذهب والفضة والأمتعة.
فيعزل الحسني ذلك كله، ويرد ما كان اخذ من أهل المدينة، ثم يقسم ما كان في عسكر السفياني من الخزائن والمضارب والأمتعة والذهب والفضة بين أصحابه، ويقيم بالمدينة عشرة أيام، فيأمر باصلاح ما فسد من المسجد والدور وغير ذلك، ويأمر بدفن من قتل منهم.
ثم يستخلف الحسني علي العراقين وما والاهما، ويخرج الى الروم.
فيكتب ملك الروم الى ملك الصقالبة:ان هذا العدو الذي قدم لقتالي، اذا هزمني أقبل اليك فأمدني كفك أمره.
فيمده ويكتب الى صاحب أرمينية مثل ذلك. فأما صاحب أرمينية فقد شغله صاحب الحسني، فلا يجيبه بلا، ولا نعم، ويحارب الحسني الروم، فيفتح منها مدنا وحصونا كثيرة، ويقيم بطرسوس،ويبث أصحابه وجيوشه في جميع الثغور، فيفتتح الوجه الذي فيه، ويغنم، ويكتب بذلك الى الحسني.
ويكتب الحسني الى ملك الروم:
ان الملك الذي هرب اليك ابن عمنا، وهم قوم قد ذهبت دولة ملكهم، والذي هرب منه اذ هزمه وجنوده حتى ألجأه الى أن هرب اليك هو السفياني، عدو لنا وله، وقد أظفرنا الله به فقتلناه، فقل للملك - الذي هرب اليك فآويته وأنزلته، وقد أحسنت وقضيت فيه ما عليك -: ابن عمك قد كتب الى فيك، فأقبل الى فلك الأمان، ان أقبلت الى نصل رحمك ونمن عليك، وننزلك منزلة الشريف منا.
وكتبت اليه كتابا، فأوصله اليه.
ويكتب الى الملك: من الحسني المنصور من الله الى ابن عمه عبد الله:
قد قتل الله عدوك وعدونا، فاقبل آمنا بأمان الله، لك بذلك عهد الله وميثاقه، وذمتنا وذمة رسوله.
فيفعل ذلك ملك الروم، فيقول لملك الروم: المقام عندك في جوارك أحب الى من أن آتي ابن عمي هذا، وهو اليوم فوقي وأنا دونه، وكنت الملك قبله، فاذا كان كون كسائر من عنده من الرعية، فالمقام عندك ان أنت تركتني أحب الي.
فيقول له ملك الروم: فأقم اذا أحببت ذلك.
ويكتب ملك الروم الى الحسني، فيكتب اليه الحسني:
أما اذا أبي أن يأتينا واختارك علينا، فانا لا نرضي أن يقيم ابن عمنا في غير أهل ديننا، فانك ان لم تبعث به الينا، قاتلنك علي أنك علي غير ديننا، فان أنت أسلمت ودخلت في ديننا، والا قاتلنك علي تركك الدخول في ديننا، دين الاسلام.
فيأبي ملك الروم، ويحاربه، فيقول له بطارقة الملك: أيها الملك ما ترجو بايواء رجل ليس من أهل دينك؟! ابعث به الى صاحبه.
فيقول ملك الروم: لا أفعل، استجار بي فأجرته، ولست اسلمه مع أنني لو بعثت به أيضا الى صاحبه لما أمسك عن حربكم، وذلك أنه ليس يقاتلكم علي ترككم لبعثه لهذا الرجل اليه، انما يقاتلكم علي أنكم ليس تدخلون في دينه، فلا تظنوا به غير ذلك.
فاذا قال لهم ذلك، أمسكوا عنه.
ويتولي بعده ابنه الأمر فيملك أقل من ثمان سنين، ثم يموت؛
ويتولي الأمر بعده غلام لم يحتلم، فيكون في زمانه دولة الاماء والصبيان والخدم، ويتسع الناس في تجاراتهم وضياعهم حتى يستغني الفقراء، ويكثر الفساد في المدائن كلها للبطر الذي أخرجهم الى معاصي الله، فيبقي اثنين وعشرين سنة، ثم يخلع فيبقي ثلاثة أيام، ثم يرد الى الملك، فيملك أقل من ثلاث سنين، ثم يقتل علانية.
ثم يتولي الأمر بعده أخوه، ثم من بعد أخيه ابنه.
ثم يقع التدابر والاختلاف بين الامراء من العجم، فلا يزالون يخلعون خليفة ويولون خليفة، ويعزلون من أرادوا، ويولون من أرادوا مدة غير طويلة الى أن يصير الأمر بعدها ولاء (الي) أن يتول أمر الناس رجل من ولد الملك السابع.
ثم يتولي بعد شهور يسيرة رجل من أهل بيت الملك الثالث، يقال له: (السفياني، عنبسة بن هند)وهو رجل شاب ربعة، فظ الوجه، ضخم الهامة، في وجهه أثر جدري، يكسر عينه اليسري كسرا شديدا، يحسبه من يراهأنه أعور، تجتمع اليه قبائل العرب، فيكثر أصحاب السفياني، ويعظم أمره، وينتصب له رجل من ربيعة، فيحاربه شهرا، ويستغنم (الجرهمي) شغل السفياني بالربيعي فيغلبه علي حمص، ويخرج (الأصهب) بنصر،ويخرج (الجحافي)باصطخر من فارس، ويخرج (الباري)بما سندان فيغلب علي الجبال التي تليه، ويخرج علي (الجحافي) رجل من الأنبار، فيحاربه (الجحافي) بالكراد حتى تكثر القتلي بينهم، ثم يدعوه (الجحافي) الى الصلح علي أن يوليه فارس، ويجعله خليفته، ويأتيه ويكون معه، فيختار أن يلي نصف أرض فارس وما يليها من الأهواز، فتشتعل الأرض بالفتنة والحرب، فيرسل اليه، فيدعوه الى طاعته، ويجعله خليفته، فلا يجيب (الجرهمي).
فيقوم السفياني في أصحابه خطيبا علي منبر دمشق، فيقول:
يا أهل هذا المصر، يا أهل دمشق، أنتم لحمي ودمي، وأنا عدو عدوكم، وحبيب حبيبكم، ويمنيهم ويعدهم أنه لا يستأثر عليهم بشيء.
ثم يخرج الى معسكره من الوادي اليابس،ثم يدعوه (الجحافي) الى الصلح، فلا يجيبه، فتشتعل الأرض بالفتنة والحرب، فعند ذلك يبقي الملك الأعلي ومن معه من الموالي الخاصة وغيرهم، لا مادة لهم، ولا يأتيهم مال.
فيرسل الى بني عمه الذين بالمدينة العتيقة، وأصحابه من أهل خراسان أن الأرض قد فسدت علينا وعليكم، ولا مال يأتينا ولا يأتيكم، فعلام نقتل أنفسنا وجندنا، بل نصطلح، وتجتمع كلمتنا، ونكون يدا واحدة علي عدونا، ونكتب وتكتبون الى ابن عمنا الذي بالبصرة، واخواننا من أهل البصرة بمثل ما دعونكم اليه من الصلح، ونجتمع ونحارب أعداءنا، وان لم تفعلوا ونفعل نهلك قتلا وجوعا.
فيفعلون ذلك ويصطلحون، ويبايعون الملك الأعلي، ويستقرضون من التجار، ويتهيأون لمحاربة أعدائهم، ويسير صاحب البصرة الى الأنبار، ويسير أهل المدينة العتيقة الى (البكري) الذي بماسندان، فيحارب بعضهم بعضا، ويسير (البرقي) الى (الجرهمي).
ثم انهم يصطلحون علي أن يرجع (البرقي) الى (برقة)،ويسالم كل واحد منهما صاحبه ولا يقاتله، ويكون كل واحد منهما علي ناحيته.
أما (الجرهمي) فيكون علي ما يليه من أرض الشام، وأما (البرقي) فيكون علي ما يليه من حد (برقة) وما وراء برقة من المغرب، علي أنه متي نازع أحدا منهما عدو أتاه صاحبه فنصره عليه، فيصطلحون علي ذلك. ....
<< ثم يسير (الجرهمي) الى صاحب مصر، فيحاربه فيهزمه المصري، ثم يتداعون الى الصلح علي أن يكونا جميعا علي (السفياني) ويصطلحون علي ذلك، ويرجع (الجرهمي) الى الشام، ويقيم (المصري) بمصر.
ثم يقوم (السفياني) في أهل دمشق، فيقول: يا أهل (دمشق)، انما أنا رجل منكم، وأنتم خاصة جدي (معاوية بن أبي سفيان) وليكم من قبل ملكه، فأحسن وأحسنتم، ثم قتل صاحبه فطلب بدمه واستنصركم، فنصرتموه، وقتل معه أشرافكم، وأنا اليوم أطلب بثأر أهل بيتي، وبثأر من قتل من أشرافكم، فمن أحق بنصرتي علي ذلك منكم!! فينادونه بالاجابة، ويبايعونه.
ثم يكتب عند ذلك الى (الجرهمي) يدعوه الى طاعته علي أن يوليه اذا استقام الأمر موضعه الذي هو فيه، ويزيده ولا يؤاخذه بما كان منه، فيجيبه.
ويكتب الى (البرقي) بمثل ذلك؛
وكل هؤلاء وغيرهم من أهل كل بلد قد بلغهم، وسمعوا من علمائهم أن رجلا يقال له: (السفياني) يخرج علي الملك الذي في زمانه، فيغلبه ويغلب كل من حاربه حتى يملك، ويستقيم له أمر مملكته، فيجيبونه الى ذلك؛ فيأتيه (الجرهمي) فيبايعه واسم الجرهمي (عقيل بن عقال)، ثم يبايعه (البرقي) فيتابعه، واسم البرقي (همام بن الورد) فيجعل (الجرهمي) علي الجبل، ويجعل (البرقي) علي الرجالة، وكل علي خيله ورجالته من خاصته الذين معه وعلي أنه والي علي موضعه من قبل السفياني.
وبلغ صاحب مصر خبره، فيرسل اليه بالطاعة، فلا يرضي الا أن يأتيه، فيأتيه فيبايعه، ويرده الى مصر، فيمنعه أهل مصر الدخول الى مصر، فيرجع، فيخبر السفياني، فيسير اليهم السفياني، ويخرج اليه أهل مصر فيلتقون، فيقتتلون علي قنطرة (الفرما) أو دونها سبعة أيام، ثم ينصرف أهل مصر، وقد قتل زهاء سبعين ألف نفس، ثم يصالحه أهل مصر ويبايعونه، فينصرف عنهم، ويرجع الى الشام.
فيعقد لأصحابه، ويقود القواد، ويعقد لرجل من حضر موت علي أرمينية وما يليها؛
ويعقد لرجل من خزاعة علي ثغور الروم من ناحية الأندلس؛
ويعقد لرجل من بني عبس علي ثغور الروم التي تلي عسقلان؛
ويعقد لرجل من بني تغلبة علي الثغور التي تلي الشام من دون أرمينية الى حد المصيصة.
ويتوجه البرقي الى أفريقية، فيلتقون فيقتتلون ثلاثة أيام، فيقتل من أهل أفريقية نيفا علي ثمانين ألفا، ثم يصالح أهل أفريقية (البرقي) ويبايعونه للسفياني كذلك، ويولي عليهم ابنا له، ويرجع هو الى (برقة).
ويكتب الى السفياني بذلك، فيكتب، أن يستخلف علي برقة وما يليها ابنه أو من يرضاه، فيفعل.
ثم يسير السفياني يريد برقة، وخليفته علي جميع جنده رجل من بني زهرة من طي، يقال له (الزهري المؤمل بن نباتة) ويجعل علي مقدمته من جهينة اسمه (المقدام بن الهقل).
ويبلغ الملك خروجه وأهل العراق، فيقولون للملك: هذا رجل قد بلغنا أنه يملك، وأنه يقتل كل من حاربه ممن يرجو أن يظفر به فيقاتله، بل نلزم بيوتنا أو نهرب عنه اذا بلغ الينا!
ويبلغ ذلك من قولهم الملك ويسوؤه ذلك، ويجمع خاصته من الأترك والعجم من أهل خراسان وغيرهم، فيقول لهم:
ان هذا العدو لا نطيقه، ولا نقاتله الا من كان علي مثل رأيكم، فاستعدوا لقتاله، ودعوا الوجوه الاخر.
ثم يجمع أهل بيت المملكة ومواليهم ويرسل الى بني عمهم قبيلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم (بنو هاشم) فيعلمهم أن هذا هو السفياني يجدونه في أخبار مشايخ العلماء، أنه يخرج فيقتل كل من قدر عليه من ولدها ومن مواليهم، فالرأي أن تخرجوا اليه في مواليكم وعبيدكم، ومن أطاعكم، فنحاربه علي أنفسنا وملكنا حتى نظفر أو نهلك، فانا ان أمسكنا عن قتاله لم يمسك عنا، ومتى قدر علي أحد منا ذكرا كان أو انثي لم يستبقه قتلا وذمارا.
فيجتمعون ويتوجهون اليه في سبعة عسكر يتبع بعضها بعضا، في أوائلها الجيش الكبر في الأترك وعجم أهل خراسان ومن أطاعهم من سائر الناس، ولا يخرج بهم من سائر أهل الأمصار الا الجهال لما قد بلغهم أن السفياني يقتل كل من ظفر به الى أن يأتي بلدهم، فيحاربوه عن حريمهم، وبنادر عسكر الملك.
فيسير الأول فينزل الرقة، والعسكر الثاني دونه بمرحلة، ثم الثالث دون الثاني بمرحلة، ثم الرابع دون الثالث بمرحلة، ثم الخامس دون الرابع بمرحلة، ثم السادس دون الخامس بمرحلة، ثم السابع دون السادس بمرحلة؛
ويقتل القائد الأول ومعه الأترك وغيرهم، وهم سبعون ألفا ونيف، ويعجلون السير الى الرقة، فيلقاهم السفياني فيقتتلون يومهم وليلتهم في ليلة النصف من الشهر في ضوء القمر، فيقتل منهم مائة ألف قتيل، كثرهم من جند الملك.
ثم ينهزم جند الملك الى الرقة، وقد بلغ أهل الشام من أهل كل مدينة، مسير السفياني والتقاؤه هو وجند الملك، فقالوا: نحن مع من غلب.
ويسير السفياني خلفهم الى الرقة، فيلتقون فيقتتلون، فيهزم السفياني من جند الملك، وتجتمع العسكر كلها الى دون الرقة، وتعجبهم كثرتهم، ثم يلتقون فيقتتلون، فيهزم جند الملك، ويتبعهم السفياني يقاتلهم كل يوم وهم ينهزمون حتى يبلغ بهم (الأنبار) من أرض العراق، وجند السفياني في الجانب الغربي، وفيه يحاربهم جند الملك.
فاذا صاروا الى الأنبار، عقد جند الملك الجسر، وعبروا أسفل الأنبار بمسيرة نصف يوم، ثم قطعوا الجسر وأخرجوا سفن الجسر وغيرها لكيلا يعقد السفياني فيها جسرا ويعبر اليهم، وللسفياني سفن فيها خزائنه أخذها من الرقة، فجعل فيها خزائنه والأعلاف من التبن والشعير والدقيق، وسفن التجار فيها الدقيق، وجميع ما يباع من التمر والفوكة وغير ذلك، فقال للتجار: أخرجوا ما في سفنكم الى الشط.
ثم يجمع تلك السفن فعقد جسرا، ثم أرسل الفرات، فأتي السفن ليعقد للتجار جسرا، ويرد عليهم سفنهم أو بدلها، أي ذلك أحبوا فعل،وأجابهم اليه، فعقد الجسر وأقامه؛
ثم أرسل الى أسفل الفرات ليؤتي بالسفن التي هي هنالك، فاذا السفن التي يؤتي بها أحكم صنعة وأجود من السفن التي كانت معه، فلما رأها كذلك اشتراها، وعقدها جسرا، ورد تلك السفن الى أصحابها.
ثم ان السفياني يعبر، فيلتقون مع جند الملك دون الفرات، فيقتتلون فيقتل من جند الملك نصفهم، وينهزم الباقون الى موضع يقال له (عقرقوف) وهنالك بساتين ونخيل وأشجار وأنهار يأخذ بعضها من بعض، فيأمر السفياني أصحابه كلهم فيرحلون، ويدخلون فيقاتلون جند الملك الى مدينة الملك.
ويرسل الى جميع من يرجو نصره من شاطي ء دجلة الى أرض الجبل الى البصرة، والي الأهواز وفارس أن يعينوه، فيجتمع اليه ثلاثمائة ألف من الناس، ويعسكر علي ثلاثة فراسخ من دجلة فيما بين عقرقوف ودجلة ناحية المشرق ونحو الفرات، ويتبعهم السفياني فيقتتلون أشد قتالا كان قبل ذلك.
فيهزمون جند الملك، ويتبعهم الى دجلة، ويحولون بينهم وبين من يليهم، فيغرق كثرهم، ويرمون أنفسهم في دجلة فيغرقون، ويهرب بعضهم الى أسفل من ذلك الى مدائن كسري، ويبقي الملك في المدينة.
فيحاربهم السفياني ويخرج اليهم الملك، فينزل علي باب مدينة الملك، ويصف جنوده حول المدينة، وعلي مدينة الملك سور قد بناه علي مدينة حديثة البناء لم يستحكم بعد، ومع هذا (القيسي) قوم من الأعراب معهم نساءهم وأولادهم، ويقاتلون معه في الناحية التي أمره الملك أن يقيم بها، ويكفيه ناحيتها، وخلف القيسي أيضا جندا، عليهم بعض قواد الملك، قد أحدقوا بسور المدينة لكيلا يدخلها جند السفياني فيحاربهم، ولا يزال السفياني يحاربهم ويمنعهم المسيرة من فوق المدينة ومن تحتها، ويرسل السفياني جندا الى (المدائن) فيأخذونها وجميع السفن، فيعقد الجسر أسفل المدينة مما يلي المدائن.
ويعبر نصف جنده، فيحاصرون مدينة الملك شهرا، ثم يهدمون السور، ويدخلون المدينة، فيقتلون الرجال في السكك والأسواق والدروب، ويدخلون الدور فيقتلون من فيها، ويأخذون الأموال والأمتعة، ويأخذون من استحسنوا من النساء والجواري والغلمان، ويأخذون بنات القيسي الذين هم قومه، فيردفونهم خلفهم، وعلي نساء القيسي خلاخل من فضة يري بريقهن وهن مرتدفات خلف الأترك.
نكمل معا لنتعرف على الحسني وجيش الخسف ..
<< ويبلغ الملك الهزيمة، فيخرج من المدينة فيمر مستخفيا هاربا من دار الى دار، ومن درب الى درب حتى يفلت فيأتي (حلوان).
ويغضب (القيسي) فينادي في أصحابه القيسيين: ألحقوا بنا القوم الذين أخذوا حرمنا نقاتلهم حتى نستنقذ حرمنا أو نموت.
فيخرجون، فاذا رأينهم رمين بأنفسهن عن الدواب، ويلا حقهن القيسيون مصلتي السيوف، فيقتلون بعض الأترك، ويهرب عنهم اولئك الأترك، وهم قليل فيأخذون نساءهم، ويرجعون.
ثم يفتح، المدينة ويسأل السفياني عن الملك، فيقال له: قد هرب، ويظهر الملك بحلوان، ويجتمع اليه بنو هاشم ومواليهم في جند أغلبهم من قد وطن نفسه علي الموت من الأترك، لأنه قد قتل كثرهم.
فيسير اليهم السفياني، فيصلون (حلوان) فيقتل من جند الملك نيفا علي خمسين ألف، وينهزم الملك، ويتفرق عنه أصحابه، ويومئذ لا يبقي تركي من جند الملك الا قتل، ويهرب الملك الى خراسان، ويرجع السفياني الى (المدائن) فينزلها، ويخطب في أصحابه يوم الجمعة، وعليه لباس أحمر، وعلي رأسه عمامة خضراء، وهو شاب ربعة، فظ الوجه، ضخم القامة، في وجهه أثر جدري، يكسر عينه اليسري، يحسبه من لا يعرفه أعور، وليس بأعور.
ثم ينزل عن المنبر، فيقود القواد، ويولي الولاة علي الوجوه التي افتتحها، ويأمر خليفته (الزهري) واسمه (عبيد بن نباتة الزهري) والثاني (مالك بن المقدام) أخو (المقدام الجهني) والثالث (المعمر بن عباد الهلالي) والرابع (الطفيل ابن عمرو العبسي) والخامس (نصر بن منصور القيسي) وهو (ابن عمر بن عمرو القيسي) والسادس (غالب بن عامر الكلبي) والسابع (عمارة بن عقال العامري) والثامن (مسمع بن سالم الربعي الشيباني) والتاسع (وائل بن ربيعة اليشكري) والعاشر (مسروق بن مسعدة التغلبي) من تغلب ربيعة.
ثم يأمر الزهري أن يسير الى الكوفة، فان دخلوا في طاعته وبايعوا له أخذ بيعتهم، وولي عليهم رجلا منهم يرضاه، وسار الى المدينة، ثم الى مكة، وان هم أبوا وقاتلوا قاتلهم، فان ظفر قتل الرجال وسبي النساء والذراري، وأخذ الأموال، وسار الى المدينة يفعل مثل ذلك، ثم سار الى اليمن، فيفعل مثل ذلك.
فيسير الزهري، ويسير وائل بن ربيعة اليشكري الى البصرة وأرضها، ويسير عمارة بن عقال العامري الى خراسان - وهو خليفة لابن السفياني - فيسير كل واحد من هؤلاء الى الوجه الذي وجه له، فيحارب أهله، فيظهر عليهم، ويستقيم له أمر سواد بابل، وأرض البصرة، والأهواز وفارس الا أهل الكوفة، فانه يحاربهم أربعة أيام، فيهزمهم ويدخل الكوفة، فيقتل الرجال ويدخل علي النساء، فيقتل كل من يمتنع منه، فكم من امرأة حامل مبقورة البطن، وكم من عذراء مفترعة، وكم من وليد مشدوخ، ومال منهوب، وجارية عذراء مكشوفة تساق كما يساق السبي من الروم وأهل الكفر، ويقيم في ذلك عشرة أيام.
ثم ينزل بين الحيرة والكوفة، ويكتب بذلك الى السفياني، فيكتب اليه: أن قد أصبت فاقسم الفيء بين أصحابك، وسر لوجهك الذي امرت به أن تسير اليهم.
فيقسم السبي والأموال بين أصحابه، ويسير الى المدينة، فيجتمع أهل المدينة، فيسألوه أن يعطوه مالا ولا يدخل اليهم، ويسير عنهم.
فيأبي ذلك عليهم، ويقاتلهم فيهزمهم، ويدخل المدينة، فيقتل الرجال والنساء والولدان من الجواري والغلمان، فكم من قتيل علي باب داره وفي داره، وكم من بطن مبقورة، وكم من وليد مشدوخ، وعذراء مفترعة، ومال منهوب.
ثم يخرج بالسبي من الذراري والأموال، فينزل ظاهر المدينة، ثم يعرض عليه السبي، وفيهم غلام وجارية من ولد بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم اسم ذلك الغلام (علي) واسم تلك الجارية وهي اخته (فاطمة) قتل أبوهما في من قتل، واسم أبيهما (محمد بن عبد الله) واسم امهما (فاطمة).
فيقول الزهري للغلام: من أنت؟
فيقول له: اسمي علي بن محمد بن عبد الله، واسم امي فاطمة بنت محمد بن عبد الله.
فيقول للجارية: من أنت؟ فتقول: أنا اخت هذا الغلام.
فيقول: ما اسمك؟ فتقول: اسمي فاطمة باسم امي.
فيقول: والله ما قاتلني الا أبوكما.
فيأمر بهما فيبطحان قدامه، ويأخذ الحربة فيدخلها في بطن الجارية، فيحول أخوها وجهه عنها، فيقول الزهري لمن علي رأسه: حولوا وجهه الى اخته ليري الخزي والهوان!!
فيحولون وجهه الى اخته، فيغض بصره، ويضع يده علي عينيه، فيدخل الحربة في بطنه، ثم يدخلها في دبره، ثم في دبر اخته، والغلام يقول:
اللهم لك الحمد، عجل له ولأصحابه النقمة والخزي، وعرفهما قدرتك.
ثم يأمر بهما فيرميان تحت الخيل لتطأهما الخيل، فلا تطأهما، فيأمر بهما أن يحملا، فيرميا خلف عسكره، فيفعل بهما ذلك.
ثم يقسم السبي بين أصحابه، ولا يرأف ولا يرحم، فكم من جارية تباع، وكم من غلام يباع، ثم لا يترك أحدا يشتريهم الا أصحابه، فيقيم خارج المدينة ثلاثة أيام، وقد هرب منه بعض أهل المدينة الى الجبال والشعوب والأودية.
ثم يخرج يريد مكة ومعه جيشه، فاذا بلغ موضعا يقال له (البيداء) نادي صوت من السماء: يا بيداء أبيديهم.
فتبلعهم الأرض الى أعناقهم، وتبقي رؤوسهم خارجة وتبقي جميع خيلهم وأثقالهم وخزائنهم وجميع مضاربهم والسبي علي حالهم، ولم يفلت منهم الا رجلان، ضل لهما بعيران عليهما أثقالهما، فيخرجان في طلبهما فيجدانهما، فيأخذانهما، ويرجعان يريدان العسكر.
فاذا جبرئيل الملك الأمين عليه السلام قد تلقاهما، فيقول لهما: أين تريدان؟
فيقولان: نريد العسكر. فيقول لهما: أشهدتما الوقعة؟ فيقولان: لا، نحن أخوان لأب وام، مع أننا أخرجنا أبونا معه، ونحن كارهان للخروج في هذا الجيش، ما قاتلنا معهم، ولا أعنا، ولو أمكنا ألا نصحبهم لفعلنا، قد علم الله ذلك منا.
فيقول لهما: فلذلك أضل الله بعيريكما، هذا العسكر قدامكما، فامضيا.
فيأتيان العسكر، فيريان ما أصاب القوم فيسترجعان، فيقول جبرئيل:
قد أنجكما الله لترككما القتال مع أبيكما وكراهتكما لذلك، فليمض أحدكما الى السفياني، فيعلمه بالذي أصاب جيشه، ويذهب أحدكما الى أهل مكة بما أرسله به اليهم.
فيقولان له: نعم، أرسلنا. فيقول للذي يرسله الى السفياني: ما اسمك؟
فيقول: اسمي (وبر). فيقول له: اذهب أنت يا وبر الى السفياني، فأخبره بما لقي جيشه بالبيداء من أرض الحجاز، جازاه الله بما فعل بأهل الكوفة وأهل المدينة، وبقتله من قتل وبما صنع بالأنفس الطيبة الطاهرة الزكية من العترة الهادية المهدية.
ثم يتفل في وجهه، فيتحول وجهه الى قفاه، ويقول له: ان هذا آية لك حتى تخبر السفياني بما لقي جيشه، فساعة تخبره يرجع وجهك الى ما كان.
ثم يقول للآخر: ما اسمك؟ فيقول: اسمي (وبره). فيقول له: اذهب أنت يا وبره الى مكة، فانك تجد فيها من ولد الطاهرة (فاطمة بنت محمد) النبي الامي زوجة ولي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وولي المؤمنين، فيهم شاب أبيض، حسن الوجه، قاعد وسط جماعة من أهل بيته من أهل مكة، فأخبرهم بما صنع جيش السفياني بأهل الكوفة، وبأهل المدينة، وبما عاقبهم الله تعالى بعد ذلك بالبيداء، أحياء قد أبتلعتهم الأرض الى اعناقهم ورؤوسهم خارجة، وهم أحياء الى قدومك عليهم حتى تراهم أنت وأصحابك، ثم تبلعهم الأرض.
وتجد عسكر السفياني بما فيه من خزائنه وأمواله، وتجد السبي الذين سبوا من أهل الكوفة، ومن أهل المدينة علي حاله، فترد كلا الى أهله، وتقسم الفي ء ثلاثة أثلاث: ثلثا لأهل المدينة، وثلثا لأهل الكوفة، وثلثا بين أصحابك، غير أنك تنظر ما اخذ من أهل الكوفة وأهل المدينة، فترد ذلك الى أهله بعد أن يعرف ذلك ويعرفه الذين اخذ منهم.
ثم ان جبرئيل يتفل في وجهه، فيتحول وجهه الى قفاه حتى يبلغ الرسالة، فيأتي (وبره) مكة، فيبلغها قبل أن يأتي (وبر) السفياني، فيجد أهل مكة، وفيهم الرجل الذي وصفه جبرئيل، فيبلغه ذلك، فيبايع له أصحابه، ثم يعرضهم، فيجدهم (ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا) يأخذ بيعتهم بين الركن والمقام، ويرجع وجه (وبره) الى حاله الأول، ويخرج مسرعا الى المدينة ويرجع معه.
ويبلغ (وبر) السفياني وهو نازل بالأنبار - قدم من المدائن، فنزل الأنبار - فيبلغه، فساعة يبلغه يتغير لونه، ويسود وجهه، وتأخذه الرعدة، ويقع متخبل البدن، ويرجع وجه وبر الى حاله الأول.
ويطوي الله الأرض للطاهر الخارج من مكة، واسمه (محمد بن علي) من ولد السبط الكبر الحسن بن علي، فيتسمي بالامام الحسني، فيبلغ البيداء من يومه، فيجد القوم أبدانهم داخلة في الأرض، ورؤوسهم خارجة، وهم أحياء، فيحمد الله هو وأصحابه، وينتحبون بالبكاء، ويدعون الله ويسبحونه ويحمدونه علي حسن صنيعه اليهم، ويسألونه تمام النعمة والعافية.
فتبلعهم الأرض من ساعتهم تلك، ويجد الحسني العسكر علي حاله، والسبي علي حاله، وقد اجتمع اليهم من بلغه خبرهم ممن كان هرب من المدينة ومن كان حول المدينة.
وكان جبرئيل عليه السلام قد تشبه لهم جميعا برجل من المعمرين، فقال لهم: لا تتعرضوا لشيء، فان اخوانكم المؤمنين مع ولي الله الحسني يأتونكم وهم في العسكر، والسبي مسرورون بالذي صنع الله بجيش السفياني.
فيأمر السبي (من) النساء والجواري والغلمان، أن من عرف شيئا مما أخذ أصحاب السفياني فليخبرنا به، وفي السبي نساء قد ولدن الأولاد غافلات، قد عرفن ذلك من أهل الكوفة، ومن أهل المدينة، فيعرض عليه شيء فشيء، فيعرض عليه نساء أهل الكوفة والجواري والغلمان والأمتعة والذهب والفضة، وسائر الأموال، ويعرض عليه نساء أهل المدينة، وما اخذ من الجواري والغلمان والذهب والفضة والأمتعة.
فيعزل الحسني ذلك كله، ويرد ما كان اخذ من أهل المدينة، ثم يقسم ما كان في عسكر السفياني من الخزائن والمضارب والأمتعة والذهب والفضة بين أصحابه، ويقيم بالمدينة عشرة أيام، فيأمر باصلاح ما فسد من المسجد والدور وغير ذلك، ويأمر بدفن من قتل منهم.
ثم يستخلف الحسني علي العراقين وما والاهما، ويخرج الى الروم.
فيكتب ملك الروم الى ملك الصقالبة:ان هذا العدو الذي قدم لقتالي، اذا هزمني أقبل اليك فأمدني كفك أمره.
فيمده ويكتب الى صاحب أرمينية مثل ذلك. فأما صاحب أرمينية فقد شغله صاحب الحسني، فلا يجيبه بلا، ولا نعم، ويحارب الحسني الروم، فيفتح منها مدنا وحصونا كثيرة، ويقيم بطرسوس،ويبث أصحابه وجيوشه في جميع الثغور، فيفتتح الوجه الذي فيه، ويغنم، ويكتب بذلك الى الحسني.
ويكتب الحسني الى ملك الروم:
ان الملك الذي هرب اليك ابن عمنا، وهم قوم قد ذهبت دولة ملكهم، والذي هرب منه اذ هزمه وجنوده حتى ألجأه الى أن هرب اليك هو السفياني، عدو لنا وله، وقد أظفرنا الله به فقتلناه، فقل للملك - الذي هرب اليك فآويته وأنزلته، وقد أحسنت وقضيت فيه ما عليك -: ابن عمك قد كتب الى فيك، فأقبل الى فلك الأمان، ان أقبلت الى نصل رحمك ونمن عليك، وننزلك منزلة الشريف منا.
وكتبت اليه كتابا، فأوصله اليه.
ويكتب الى الملك: من الحسني المنصور من الله الى ابن عمه عبد الله:
قد قتل الله عدوك وعدونا، فاقبل آمنا بأمان الله، لك بذلك عهد الله وميثاقه، وذمتنا وذمة رسوله.
فيفعل ذلك ملك الروم، فيقول لملك الروم: المقام عندك في جوارك أحب الى من أن آتي ابن عمي هذا، وهو اليوم فوقي وأنا دونه، وكنت الملك قبله، فاذا كان كون كسائر من عنده من الرعية، فالمقام عندك ان أنت تركتني أحب الي.
فيقول له ملك الروم: فأقم اذا أحببت ذلك.
ويكتب ملك الروم الى الحسني، فيكتب اليه الحسني:
أما اذا أبي أن يأتينا واختارك علينا، فانا لا نرضي أن يقيم ابن عمنا في غير أهل ديننا، فانك ان لم تبعث به الينا، قاتلنك علي أنك علي غير ديننا، فان أنت أسلمت ودخلت في ديننا، والا قاتلنك علي تركك الدخول في ديننا، دين الاسلام.
فيأبي ملك الروم، ويحاربه، فيقول له بطارقة الملك: أيها الملك ما ترجو بايواء رجل ليس من أهل دينك؟! ابعث به الى صاحبه.
فيقول ملك الروم: لا أفعل، استجار بي فأجرته، ولست اسلمه مع أنني لو بعثت به أيضا الى صاحبه لما أمسك عن حربكم، وذلك أنه ليس يقاتلكم علي ترككم لبعثه لهذا الرجل اليه، انما يقاتلكم علي أنكم ليس تدخلون في دينه، فلا تظنوا به غير ذلك.
فاذا قال لهم ذلك، أمسكوا عنه.
طائر السماء- كاتب وباحث
- عدد المساهمات : 65
نقاط : 358818
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 31/01/2015
رد: كتاب النبي دانيال
نتابع معا ما جاء من ذكر الملحمة والصيحة و فتح القسطنطينية ...
<< ثم ان بعض بطارقته يشد علي ذلك الملك، فيقتله بغير اذن ملك الروم، فخبر بذلك ما فعل هذا البطريق فيقول له: أقتلت رجلا قد أجرته؟! فيقول له البطريق: أما انك قد وفيت له أنت، وأما أنا فاني انما قتلته عن غير رأيك، وعن غير أمرك، فلا عتب عليك في قتلي اياه، لأنك لم تغدر به.
فاذا قال (قال) له علماء أهل ملته من الروم: صدق أيها الملك، ما عليك في ذلك عتب. فيمسك عنه.
ويكتب الى الحسني، فيعلمه ما فعل ذلك البطريق، ويسأله الصلح والانصراف عنه.
ويرسل اليه الحسني: لا صلح بيننا وبينك الا أن تدخل في الاسلام فتسلم، فان فعلت ذلك، والا حاربنك حتى نقتل أو يظهرنا الله عليك، فان لنا بذلك وعدا من الله لا يخلفه، انه ينصرنا عليك.
فيقرأ ملك الروم كتابه علي بطارقته، ويقول لهم: ألم أقل لكم: انه انما يقاتلكم علي ترككم الدخول في دينه؟ فقاتلوا الآن بنية صادقة، فانا علي ما هم عليه من قتالهم ايانا علي ما وعدهم الله بزعمهم، فانا علي مثل ذلك من ميعاد الله ايانا.
فيجيبونه الى ذلك، ويقاتلون الحسني بجد وبصيرة، فيشتد القتال حينئذ بينهم.
ثم انه يخرج علي الحسني باصفهان رجل كذاب يقال له (المحق) وكراد وصعاليك الجبال، ويخرج في اصطخر من فارس (النغاف) (في) خمسة آلاف من الناس من أهل فارس، ويخرج عليه قوم من (المطوعة) فيقاتلون (النغاف) فيهزمهم النغاف، ثم تخرج (الخوارج) باليمامة، وببلاد اليمن، وبأرض الموصل من الجزيرة.
ويوجه صاحب الحسني الذي في كل وجه من هذه الوجوه الى الذي خرج في أرضه، فيحاربه فيهزمه الخارجي، ويكتب كل الى خليفة الحسني، فيكتب خليفة الحسني الى الحسني وهو في أرض الروم بذلك، ويعلمه أن فيهم رجلا يفعل بالسحر، ويفتن الناس بذلك، وهو باصفهان، وهو رجل كذاب يقال له (المحق) فالله الله في القدوم، فان قتال هؤلاء واجب، أهم من قتال الروم، وتكثر الخوارج في الأرض.
ويخرج بالشام رجل من جذام يقال له (روح بن بنانة) ويخرج ببرقة رجل من لخم يقال له (أوس بن شداد) فيطرد كل واحد من هؤلاء - أصحاب الحسني - ويكثر القتل وسفك الدماء والفساد، ويخرج ذلك الاصفهاني بسحره وكذبه الى الناس، فيريهم من آيات سحره العجائب، ومن ذلك انه يدعو الطائر من الهواء، فينزل اليه، ويدعو الحوت فتخرج اليه من الماء، فتعظم الفتنة لذلك.
ويكتب الى الحسني بذلك، وقد افتتح الحسني قسطنطنية، وهرب ملكها، وقد قسم السبي، وغنم ما يعجز عن قسمته، حتى يكيل الذهب والفضة بكيل بالترسة،فيدعوا الجماعة من أصحابه فيقول لهم: هذا الذهب، وهذا الورق، يطول وزنه علينا، فخذوه واقسموه بينكم، ويكيل ذلك لهم بالترس.
ويأتيه خبر هؤلاء الخارجين في أرضه، فيخل ما في يديه، ويأخذون ما خف عليهم، ويقبلون فيجدون الأرض مثبطة حوبا هي أشد من حرب السفياني، وفي كل بلدة قتال، من خارج من أهلها، وباغ عليها غير أهلها، فيفرق الحسني أصحابه في هذه الوجوه، فيقاتلون من خرج فيها، وذلك في شهر رمضان في أيام حارة، وينكسف القمر في ليلة الأربعاء، وهي ليلة ثلاث عشر من شهر رمضان، فيقول الحسني لأصحابه: يا قوم أحسنوا الظن بالله عز وجل فقد عهدنا مع آبائنا، فلم نسمع أن القمر انكسف مرتين في ليلتين متتابعتين الا في شهرنا هذا، فهاتان آيتان من آيات الله تعالى، فجدوا في جهاد أعداء الله، ودعوا الرغبة في الدنيا.
فيجتهدون في الصوم والصلاة في ليلة الجمعة ليلة النصف من شهر رمضان، فاذا مضي الثلث الأول جاء صوت من السماء لم يسمع الناس مثله، فيصعق فيه سبعون ألفا من الفسقة، ويعمي فيه سبعون ألفا، ويصم فيه سبعون ألفا، ويخرس فيه سبعون ألفا، وتنفتق فيه سبعون ألف عذراء، وذلك كل في أهل الفسق والمستحلين، ما حرم، فأما من تعوذ بالله وتضرع اليه، وأحسن عمله، فان الله ينجيه من ذلك، ومما هو أشد من ذلك.
ثم اذا كان عند طلوع الفجر من تلك الليلة كان صوت آخر غير الصوت الأول، وكان بعده ظلمة الى طلوع الفجر، كان الأول صوت جبرئيل صاح صيحة كان فيها الذي كان، ثم سمع فيه صوت يقول:
(لا اله الا الله نجي أولياء الله وهم قائلوها).
وكان الصوت الآخر صوتا مهولا لم يصعق فيه أحد، ولا عمي ولا صم ولا خرس ولا انفتقت فيه عذراء، وكان في آخره ظلمة، وسمع فيه صوت يقول:
(لا تخافوا أقبلوا علي لهوكم، وتمتعوا فان الأصوات التي سمعتموها انما هي صوت الجن يلعبون في الهواء).
فالصوت الأول هو صوت جبرئيل يثبت المؤمنين والمؤمنات.
والصوت الآخر صوت ابليس يثبت أصحابه علي المعاصي
ويفرق الحسني أصحابه يجاهدون الخوارج في كل موضع خرجوا فيه، ويتوجه هو بنفسه الى ذلك باصبهان، فيلقاه فيقتله، ويقتل أصحابه الا من هرب، وذلك في أول شوال.
ثم اذا كان في النصف من شوال كانت المعمعة الكبري، والطامة العظمي.
ويتوجه الحسني الى الذي بفارس، فيصطلمه ويصطلم عسكره من هرب منه.
ثم يكون في النصف من ذي القعدة زلازل، وصواعق، وخسف في بلدان الأرض كلها؛
ويكون في ذي الحجة المعمعة الثانية، وهي أطم من الاولى وأهول.
وفي المحرم تسلب أهل مكة ما حول البيت، ويسلب الحرم، وتنهب الأعراب دور أهل مكة، ثم يجتمع أهل مكة ومن حولهم، فيخرجون خلفهم، ويعينهم الله عز وجل بالريح والتراب، فيقتلون اولئك الأعراب، ويأخذون جميع ما كانوا قد أخذوا منهم من الأبل والسلاح وغير ذلك، ويرجعون غانمين.
ويخرج أصحاب الحسني في كل وجه من الوجوه، ويفتحون البلدان، ويصفو الأمن للحسني، وقد كان ملك الروم لما بلغه عن الخوارج قد خرجوا علي الحسني، حلف - وهو بالرومية خلف قسطنطينة- أن يخرج الى أرض الاسلام، فيغلب علي ما قدر عليه من مدنها، ويدخلها كما دخل الحسني قسطنطينة، ويرجع الى (قسطنطينة) ثم يجمع بطارقته وجنده، ويسير الى (طرسوس) ثم يخرج منها حتى يأتي الفرات، ويمهله الحسني حتى يأتي (حران).
ثم يأخذ عليه الحسني من ورائه ومن قدامه، فيقتل أصحابه، ويأخذ صلبانهم، وينزع ملك الروم ثيابه، ويلبس ثياب أهل طرسوس، ويتزيا بزي أهل الثغر، ويتقلد سيفا، ويركب بغلا، ويلطخ فمه بدم، فكلما تلقاه رجل من المسلمين، أومي اليه بيده، كأنه يسلم عليه ويدعو له، فيظن أنه رجل من أهل الثغر قد أصابه ذلك في جهاده الروم.
فلا يزال كذلك حتى يأتي طرسوس، ثم يضرب الى الروم، وينادي الروم، ويسأل: هل رأيتم الطاغية؟ فيقولون: هرب، ولو كان في القتلي لوجدناه. فيولي الولاة ويوجههم في وجوه بلاد الاسلام كلها، وقد استقام أمر الاسلام كله.
ثم يخرج في أصحابه، فيجاهد الروم، ويرسل اليه ملك الروم بحيلته التي نجا بها، ويسأله الصلح أو الرجوع، ويخوفه فساد بلاده، ان هو اشتغل بقتال الروم، فيقول: لسنا نقاتلك علي الأموال والغنائم، انما نقاتلك علي أن يكون الدين دين الاسلام، وتقر بكلمة الاخلاص، وهو قول: (لا اله الا الله وحده لا شريك له (وأن محمدا عبده ورسوله) وأن عيسي بن مريم عبد الله ابن أمته، وكلمته وروحه، ابن العذراء البتول التي لم يمسسها بشر، كون الله منها المسيح كما كون الله آدم من تراب، فجعله بشرا، ثم كون من آدم حواء زوجة، ثم كون منها هذا الخلق كله، وجعلهم قبائل وشعوبا وامما، ثم فرق لغاتهم، وهو بكل شيء منهم ومن غيرهم عليم، ولو شاء لجعلهم امة واحدة، ولكن يدخل من يشاء في رحمته).
فنحن ندعوك وأهل ملتك الى دين الاسلام، فان أحببت قبلنا ذلك منك، وخلينك وأرضك، وأديت الينا مثل أهل ملتنا من الخراج المعلوم، وان أنت أبيت الجزية فالحرب بيننا وبينك أبدا حتى ينصر الله أحب الفريقين اليه، ولنا النصر، ولمن قتل منا الجنة، وان نصرت علينا فلنا الجنة لصبرنا وبصيرتنا.
فيقرأ ملك الروم كتابه علي بطارقته، ويقول: ما يكون هذا أحرص علي الجهاد منكم؟ فيقولون له: صدقت، فأخرج بنا اليه.
فيجتمعون ويخرجون الى الحسني في ألف صليب، تحت كل صليب جمع كثير، ويلقاهم الحسني، فيقتل منهم كل يوم مقتلة عظيمة، وينهزمون ويتبعهم حتى يبلغ بهم القسطنطينة، ثم يحاصرهم في مضيق عليهم، ويسألونه الصلح، فيأبي عليهم، فينهزمون عنها الى (رومية) ويخلونها له، فيدخلها في أصحابه، فيهدمون بيعتها العظمى بعد أخذهم بيت مذبحها وصلبانه، ويخربون القسطنطينة، ويهدمون سورها، ويقيمون فيها وفيما حولها، ويريدون المسير الى (رومية) فيرسل الحسني جيشا الى ملك الصقالبة، فيهزمونه أيضا، ويأخذون بعض بلاده.
ويخرج باصطخر من فارس، رجل أعور يدعي أنه الدجال، ويسمي نفسه فيقول: (أنا الاله الدائن لأهل الأرض من قبل اله السماء) !!
فيتبعه غوغاء الناس والكراد والزط وجهال الجبال، فيكثر أتباعه، ويغوي الناس، ويكثر فساده في الأرض.
وتخرج بالأهواز امرأة يقال لها (حميدة) في اناس يزعمون أنهم من العرب من الأزد، تقول: أنا ناصرة أهل الدين، اقاتل علي دين الحسني من قاتل الحسني. فتجبي الخراج وتقسمه في أصحابها، ويكثر أتباعها.
ويخرج (الأصهب) بدمشق في خمسين ألفا مخالفين للحسني.
نكمل معا لنعرف ما جاء في أمر الدجال ونزول المسيح
ثم يخرج بأصفهان (الدجال الكبر) وهو من أعلم السحرة، معه ابليس ومردة أصحابه، وسحرة الجن، ويجتمع اليه سحرة الانس، يحشرهم اليه الشياطين ومردة الجن، عن يساره ابليس، فيحلون علي الناس ما يرون منهم أنه الحق، ويهيئ الدجال من شيء من الأطعمة والأشربة في مضارب وفساطيط، وذلك أنها تتخذ من كل ما يأخذ من الناس من الأموال والأنعام من الغنم والبقر والابل وسائر الأموال، ويتخذ منها الخمور والعسل والسكر في الخزائن التي معه، ويذبح له من البقر والغنم ومن الجدي والحملان، ومن الطير ما يريد أن يغوي به الناس، ويهيئ من الأخبصة والفالوذجات وألوان الحلوي، وأنواع الفكهة، ويجلب له من ألبان البقر والغنم ما شاء في الوقت الذي يريده طريا، وغير مهيأ، ويشبه علي الناس أن معه الجنة، ويدعو بالذي يريد من ذلك، فيؤتي به فيطعم أصحابه ومن اتبعه ألوان الأطعمة.
وقد اتخذ قدور من نحاس تحتها الفحم، فمن أبي أن يؤمن له أمر به أن يدخل جهنم، وله بيت من صفائح الحديد، وأرضه أطباق الحديد مثل السرير، وفوق الصفائح قدر كبيرة علي هيئة القبة علي هذه الصفائح، فقد صار بيتا من حديد، فمن يريد ادخاله فيه، يأمر فيوقد تحته حتى يحمر فيصير مثل النار، ويأمر فتملأ تلك القدور الماء، ثم يغلي ويطبخ الصبر مع الزرنيخ والسقمونيا جميعا، فاذا أتي من لا يؤمن له، يقول لأصحابه: أدخلوه جهنم! فيدخل الى ذلك البيت، وقد احمي، فيحترق ويقول: صبوا علي رأسه من الحميم! فيصب علي رأسه من ذلك الماء المغلي، ثم يقول: أطعموه من الزقوم والضريع! فيطعم من ذلك الصبر والزرنيخ والسقمونيا، فلا يزال كذلك حتى يموت، أو يقول: أنا اؤمن لك، فان آمن به، هلك وفتن الناس، وأطعمه من الذي يزعم أنه من الجنة من الأطعمة والأشربة من الخمور والألبان والفوكة والحلوي، ومن ألوان الطيب والرياحين والأدهان، وألوان اللباس والحلي والحلل، والدر والياقوت والمرجان الذي أخذه من الناس.
ويري الناس بسحره أنه يحيي ويميت، ويعذب بالنار، ويكرم بالجنة، وهو شاب أعور العين اليمني فيها بياض، والعين اليسري كأنها كوكب حسن يسحر أعين الناس، فيصير في عين من يراه مثل الجبل العظيم، ويريهم من سحره أنه علي حمار أشهب في ظهره مثل السرج، ولجامه لسانه، وفيه حلقة، يخيل اليهم من سحره أنها حلقة فضة، فيها سيران من حرير أخضر وأحمر وأصفر، ويرون حماره ذلك مثل الجبل العظيم، طوله ميل، وعرضه مائة ذراع، واذنيه مثل الجبلين العظيمين، يستظل تحت اذن حماره امة من الناس، وكل ذلك بسحره يخيل للناس أنه علي ما يرونه، وانما هو في نفسه كسائر الناس، وحماره مثل سائر الحمير، الا أن ذلك سحر سحر به أعين الناس فتنة للمفتونين.
ولباسه أخضر، وعلي رأسه طيلسان أخضر، وكذلك لباس أصحابه الطيالسة الخضر، وكثر أتباعه اليهود، والمجوس، والزنادقة من النصاري، وكل فاسق.و يجتمع اليه هؤلاء الكذابون، ويجول البلدان، فلا يدع بلدة بين اصبهان وما دونها الى الموصل والجزيرة والشام ومصر وأرض الحجاز، ويتحول من بلد الى بلد، يقول: أنا اله الأرض! فمن تنحي عن طريقه سلم منه.
فيخرج من اصبهان الى أعراق بابل من ناحية الأهواز، ثم الى فارس، ثم يرجع الى الري من خراسان، ثم يصاعد الى أرمينية، ثم ينحدر الى الجزيرة، والي الموصل، ثم يخرج الى الحجاز، فاذا بلغ مدينة النبي صلى الله عليه وآله وسلم استقبلته الملائكة فتسفع في وجهه ووجوه أصحابه بأجنحتها فيرجع عنها.
ثم يسير الى مكة، فتسفعه الملائكة بأجنحتها، فيرجع عنها، ثم يسير الى بلاد اليمن، ثم يسير علي البحر حتى مصر، ثم يخرج الى الشام، والحسني والمؤمنون معه من خلف هذا الساحر الأعور يطلبونه وينادون:
يا أيها الناس لا تغتروا بهذا، فانه الدجال الأعور الكذاب المفتن، فتنحوا عنه ينجيكم الله من فتنته وسحره؛
يا أيها الناس انه مكتوب بين عينيه (هذا الدجال الكذاب الكافر بالله) يفتن كل ضال، فأما المؤمنون فانهم يعرفونه ويبرأون الى الله عز وجل منه.
ولا يزالون خلفه علي ذلك، ويكثر في ذلك الوقت الفجور والفسوق والزنا واللواط حتى أن الرجل ليلقي المرأة في الطريق فيقع عليها، فأمثلهم من يقول له: لو نحيتها عن الطريق!!
والدجال يخيل للناس أن معه جنة ونار، وليس كما يقول، بل ذلك سحر به أعين الناس، فمن افتتن دخل تلك التي يزعم أنها جنة فهي النار، ومن سلم عن فتنته دخل تلك النار التي يزعم أنها النار فهي الجنة.
ويتفرق أصحابه في الطريق، ومعهم المزامير والطبول والبوقات، وكل صنف من الملاهي، فيضربون بطبولهم، وينفخون بتلك البوقات والقرون والمزامير. والمسلمون مع الحسني يكبرون الله، ويسبحون ويهللون حتى اذا بلغ الدجال موضعا من المقام يقال له (باب لد) يريد دخول بيت المقدس، تلقاه (الخضر) المعمر، وناس من الأبدال، فيقولون له:
يا دجال! فتنت الناس بسحرك، وانما أنت كافر كذاب ساحر.
فيقول: بل أنا اله الأرض! فيقول له الخضر: ان كنت الها في الأرض، أفتقدر أن تميت نفسا ثم تحييها؟ وما أقول لك غير هذا.
فيقول له: نعم! فيقول له: فأمتني من غير ذبح، ولا قتل، كثر من أن تقول لي: مت، فأموت، ثم احي، فأحيا، والا فقل لما شئت من خلق الله تعالى من البقر والغنم: مت، فيموت، ثم قل له: احي، فيحيا، ان كنت صادقا.
فيغضب عند ذلك، ويأمر بضرب عنقه، فيفعل به ذلك، فيحييه الله من ساعته.
فيقول للناس: يا أيها الناس، ان الله أحياني، وقال لي: قل للناس انه قتلني وأحياني الله، ليتبين لكم أنه كذاب، فليقتلني الآن مرة اخري، ثم يحييني ان كان صادقا، فان الله عز وجل قال لي: انه يقتلك، ثم لا يقدر أن يحييك، ويهلكه الله بعدك وجميع أصحابه، ولا يمهل أحدا منهم بعد قتله ايك، ولا يحييك لهم، بل يلحقك بالأنبياء الشهداء الصالحين.
فيدهش الدجال عند هذا الكلام، وينبهت، فيضرب عنقه ولا يقدر أن يحييه، وينزل المسيح عيسي بن مريم في غمامة بيضاء، يراها جميع أهل الأرض من المشرق والمغرب، وينادي مناد:
يا أيها الناس هذا المسيح عيسي بن مريم العذراء البتول، الذي كونه الله من غير أب، قد أنزله الله لقتل الدجال الكذاب، ويقيم لكم اماما يدين بدين الله القيم، فاسمعوا له وأطيعوا، فقد أذهب الله الكفر والشرك وأبطل الباطل، وأظهر الدين الذي لا يشوبه شرك ولا كفر ولا نفاق بعد اليوم، ولا يبقي كافر ولا مشرك الا نادي ذلك الموضع، بيتا كان أو بقعة من الأرض، أو شجرة أو دابة:
يا مؤمن، هذا الذي تحتى كافر فتعالوا فاقتلوه.
يسمع ذلك النداء أهل الأرض، فيفهمه أهل كل لغة بلغتهم؛
ثم ينزل عيسي ومعه عكازة في طرفها زج، فيقمعه بها بضربة بعرض العكاز، فيذوب علي حماره، كما يذوب الشمع اذا أصابته النار، ويرونه في صورة واحد من الناس، ويرون حماره كصورة الحمير، ثم يقع حماره فيذوب.
ثم يقول عيسي للحسني وأصحابه: دونكم أصحاب الدجال، وكل من لا يقول: (لا اله الا الله وحده لا شريك له) فاقتلوه.
فيضعون فيهم السلاح فيقتلونهم عن آخرهم.
ثم يقول المسيح عيسي للحسني وأصحابه: قد قضيت ما عليك، ووجب أجرك، وهذا آخر يومك من الدنيا. فيأتيه ملك الموت فيقبض روحه بأهون ما قبض روح أحد من الناس، طيبة بذلك نفسه؛
ويقول المسيح لأهل بيت الحسني بن محمد بن عبد الله، وامه فاطمة بنت محمد بن السبط الأصغر من ولد فاطمة بنت الرسول الامي عليه السلام، فيقوم فيقول لنا: عيسي بن مريم روح الله، وكلمته وعبده ورسوله، فيقول له:
تقدم فصل بأصحابك. فيصلي ويصلي المسيح خلفه.
ثم يأمر الناس بالبيعة له، فيبايعه كل من حضره، ثم يقول: جهز الآن صاحبك وابن عمك الحسني، فيغسله ويكفنه، ثم يصلي عليه هو وأصحابه والمسيح بن مريم.
ثم يأمر الامام بقتل الخنزير، وكسر الصليب، وهدم كل بيعة وكنيسة، وبيت نار، وقتل كل من لا يدين بدين الاسلام، ولا يبقي كافر ولا مشرك ولا منافق الا ولي (عن) عتبة الموضع الذي هو فيه، فاذا سمع أن الموضع الذي هو فيه ينادي باسم ذلك الذي فيه اختبأ، قتله المؤمن الذي يسمع ذلك.
ثم ان الروم، والصقالبة وجميع الامم اذا سمعوا أن الامام يدعوهم الى الاسلام أجابوه طوعا للذي قد سمعوا من المسيح عيسي حين نادي بذلك وهو علي الغمامة البيضاء.
ما جاء في الخلفاء الإثنى عشر وبقية العلامات
ثم ان المسيح يأخذ ابليس، ويقول للامام: خذ هذا فاذبحه، فيأخذه الامام فيضجعه، فيذبحه علي صخرة بيت المقدس،ويموت حينئذ جميع أصحابه من الشياطين، ويدخل جميع الناس من جميع الدنيا وملوكها في الاسلام، ويذهب الجور ويحيي العدل، ويموت كل مؤذي من السباع والهوام حتى الذباب والنمل والبعوض وكل مؤذي، وتفشو الأمنة في الأرض كلها، ولا يبقي عاق، وتظهر الأرض كنوزها وبركاتها، وتنزل الرحمة، وتخصب الناس فلا يكون في الأرض فقير ولا مسكين، ويقسم المال بالسوية، ويذهب من الناس التجبر والسفه، ليتم الله كلمته: (أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)وقال: (وعد الله الذين أمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فاولئك هم الفاسقون)()
فلا يزال الامام الأول يدين بالحق، ويقضي بالحق حتى اذا دنا أجله يلقي في قلبه، فيوصي ويستخلف علي الامة رجلا من أهله، فيقوم مقامه كذلك.
ثم كذلك يفعل عند حضور أجله، يوصي ويستخلف كذلك حتى يملك من السبط الأصغر خمسة.
ثم يوصي آخرهم الى رجل من السبط الكبر، فيسير سيرة الامام الأول، ثم كذلك من بعده حتى يملك منهم أيضا خمسة أئمة.
ثم يوصي آخر الخمسة بالخلافة لرجل من السبط الكبر، فيملك الأول، ثم ولده من بعده، فيتم بذلك أثنا عشر ملكا،(4) وكل ولد منهم امام مهدي رشيد مرشد، فاذا ملك السبط الأصغر، كان عماله من السبط الكبر، وكذلك اذا ملك السبط الكبر، كان عماله من السبط الأصغر؛
فاذا هلك آخرهم الذي من السبط الأصغر، يطلبون من يولونه مكانه من السبط الأصغر فلا يجدون في جميع الأرض منهم أحدا، قد أبادهم الموت، فلم يبق من السبط الكبر ولا من (السبط) الأصغر، فيطلبون من ولد أعمام النبي، فلا يجدون منهم أحدا، قد مات بنو هاشم، فلم يبق من نسلهم أحدا، فيطلبون من بني امية فلم يجدوا منهم أحدا.
فيقول لهم رجل كان مولي للذي مات من السبط الأصغر: اطلبوا في بطون قريش من وجدتموه من قريش فولوه، فان نبيكم قال: (ان الأئمة من قريش) فيطلبون قرشيا في الأرض كلها فلا يجدون قرشيا، قد أفناهم الموت.
فيقولون لذلك المولي: أنت عبد الله. مولي الآخر من ملك من السبط الأصغر، وأنت عتاقه، وقد كان يقدمك ويستأثرك ويعمل برأيك، ومولي القوم من أنفسهم، فقم مقام مولك، فان الامة لابد لها من امام يقوم بأمر امة محمد.
فيأبي ذلك، فيقولون له: لا نتركك، ولن يحل لك أن تمتنع، فانك ان لم تفعل ضاع أمر الامة. فيكرهونه علي ذلك، ويبايعونه، ويولونه أمر الامة، فيليهم ويسير فيهم بسيرة مولاه علي منهاج الأئمة الذين من ولد بنت النبي الامي صلى الله عليه وآله وسلم.
قال دانيال: ولم يبين لي كم ملك كل واحد منهم، ولا سموا لي بأسمائهم، الا أن الملك الذي نبأني بهذا (عن الله)عز وجل قال لي:
(انهم يملكون بدل ما ملك الذين من قبلهم بالسنة سنتين، وبالشهر شهرين، وباليوم يومين).
فيليهم ذلك المولي، ويسير بسيرة أصحابه المهديين ما بقي حتى يموت، ويقل الرجال، وتكثر النساء في زمان ذلك المولي، ويكثر الفساد في الأرض، ولا يقدر ذلك المولي بضبطهم بالعدل، ويظهر الفاسق والفاجر والمنافق في زمان ذلك المولي، ويحج ذلك المولي فيمن معه من أصحابه، ويتبعه جماعة من أهل الفسق، فاذا قضي مناسك حجه رأي من اولئك ما أنكره في أمر الدين، فهم أن يعاقبهم، ثم يخاف أن يكون ذلك الذي رآه منهم ظنا غير يقين، فيترك معاقبتهم من أجل ذلك.
فعند ذلك تخرج دابة الأرض من الصفا والمروة لها رغاء كرغاء الجمل الهائج، وهي علي خلقة الجمل الأبيض، الا أنها أحسن وألطف من الجمل علي لون الغزال الأبيض، لها جناحان تطير اذا أرادت، فتقبل علي الناس فتقول:
يا أيها الناس لا بأس عليكم مني ان الله تبارك وتعالي أرسلني اليكم لأنكم لا توقنون بآيات الله، وفيكم من يقول: لا اله الا الله غير أنه علي خلاف الاسلام والايمان بالله، فأرسلني لابين المؤمن من المنافق، والكافر الذي لا يؤمن بالبعث يوم القيامة فقفوا.
فاذا قالت ذلك لم يقدر أحد سمعها تقول ذلك الا وقف، فتأتي الانسان فتنقر في جبهته، فيصير موضع نقرتها نكتة بيضاء في جبهة المؤمن حيال أنفه، وتصير في جبهة المنافق والكافر نكتة سوداء.
ثم تغيب تلك الدابة فلا تري، ولا يبقي مؤمن في شرق الأرض وغربها الا صار في جبهته نكتة بيضاء ان كان مؤمنا، وفي جبهة الكافر والمنافق سوداء، فيأمر ذلك المولي بقتل كل من في جبهته نكتة سوداء، ولا يعرض لمن في جبهته نكتة بيضاء رجلا كان أو امرأة، صغيرا كان أو كبيرا، حتى المؤمنات من النساء والكوافر والمنافقات لأن في الأرض من الناس من لا تبلغه دابة الأرض، فيجعل الله في جبهة كل امريء من المؤمنين والمؤمنات نكتة بيضاء، علامة يعرف بها ايمان كل مؤمن ومؤمنة، صغيرا كان أو كبيرا، أو امرأة كان أو رجلا، ويكون في جباه المنافقات والمشركات والكوافر من النساء نكتة سوداء، علامة يعرفن بها.
ويأمر بذلك حيث انتهت ولايته، وحيث بلغ سلطانه من الأرض، ويموت أهل العلم والمعرفة بالله، وقراء القرآن، فيذهب القرآن، فلا يبقي كتاب فيه شيء من كلام الله الا درس، الا أن ذلك المولي يحفظ من القرآن ما يصلي في أصحابه به.
ثم يموت ذلك المولي فيصلي عليه أصحابه ويدفنونه، ولا يخلف ولدا، ولا يجدون مثله، فيقولون لخير من بقي منهم: كن امامنا. فيأبي ذلك، ويقول: ليكن كل رجل منكم امام نفسه! فيتفرقون علي ذلك.
ويدرس الدين بذهاب أهله، فلا يبقي الا اسمه، ويذهب أهل السنة بالموت الا أن في الأرض اولئك الذين قد بقوا من المؤمنين، ثم يفنيهم الموت الا اليسير من أولادهم، لا يكون عددهم مائة نفس.
ويكثر أهل الشرك والكفر، وفي جباههم نكت سود في كل ناحية من نواحي الدنيا، والناس علي ذلك لهم أسواق يتبايعون الأمتعة والأطعمة وغير ذلك.
ثم يأذن الله (ليأجوج ومأجوج)أن ينقبوا السد الذي بناه ذوالقرنين فيخرجون من كل حدب، ويكثر فسادهم في الأرض، فلا يبقي طعام الا كلوه، ولا ماء الا شربوه؛
فبينما الناس كذلك اذ طلعت الشمس من مغربها في غداة يوم الاثنين لثلاثة عشر يوما خلت من ذي الحجة، وقد كانت تلك الليلة ليلة ثلاث عشر طالت علي الناس، ففزع الناس في الأرض كلها من ذلك حتى اذا بلغت الشمس وسط السماء، رجعت فغابت في مغربها!
ثم يطلع القمر من مغربه في ليلة أربع عشر، حتى اذا صار في وسط السماء رجع فغاب في مغربه في ليلة الاثنين، وتغور مياه الأرض، وتجف دجلة والفرات، فاذا صار يأجوج ومأجوج الى دجلة والفرات، لم يجدوا فيها ماء، فيمرون علي وجوههم، فيفسدون في الأرض، وتذهب بركات الأرض وسائر نباتها، ولا تبقي حينئذ مدينة ولا قرية الا كان فيها خسف وقذف، وصواعق وزلازل من نقم الله - في كل كتاب أنزله من قوله: (وان من قرية الا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا) -.
وقد امتلأت الأرض من نسل يأجوج ومأجوج، وتسلطهم علي الخلق، يموج بعضهم في بعض، قد خلت لهم الدنيا واستولوا عليها بكثرة عددهم، وشدة كلبهم.
ويكثر ولد (حام بن نوح) من السودان، ويخرج رجل منهم في خلق كثير من الحبش، فيأتي بهم مكة فيدخلونها، فلا يبقي أحد الا أهلكوه، ثم يصعد ذلك الحبشي فوق الكعبة التي بناها ابراهيم خليل الرحمن عليه السلام، فيضرب بمعول معه ليهدمها، فتجف يده، فيقول لأصحابه: دونكم فاهدموا.
فيأخذون معاولهم ويصعدون الى الكعبة ليهدموها، فيرسل الله عليهم صاعقة من السماء فتحرقهم أجمعين، ومع (أن) يأجوج ومأجوج في الأرض قد دمروا كل شيء في البر، وألجأهم العطش الى أن صاروا الى شاطيء البحر ليشربوا من مائه، وذلك أن الماء قد غار في الأرض، يرسل الله عليهم ريح السموم، وهي الدبور فتحرقهم في يوم جمعة، فتنتن الأرض من جيفتهم، ويبقي من بقي من ولد آدم ممن يقول: (لا اله الا الله محمد رسول الله) وهم قليل، ومع كل رجل منهم مائة امرأة قد ضمهن اليه، لأن الرجال ماتوا، وبقي نساؤهم علي الاسلام كلهم.
ثم يميت الله اولئك المؤمنين أيضا حتى لا يبقي من يقول: (لا اله الا الله)، فعند ذلك يغلق باب التوبة، فلا يقبل لأحد توبة لأن الله عز وجل قد علم أن أهل ذلك الزمان لا يتوبون، والناس يومئذ لا دين لهم ولا عقل، فيرسل الله عز وجل نارا فتسوق الناس من كل أرض الى أرض الشام، أرض بيت المقدس، فيملأون الشام الى البحر - بحر الروم - ويتخذون أسواقا يتبايعون، فبيناهم كذلك يوم الجمعة آخر يوم من ذي الحجة اذا صوت من السماء، فيصعق أهل الأرض وهم في أسواقهم فيموت جميع الناس، فهذا اليوم الآخر من الدنيا.
قال دانيال: الى هذا القول انتهي وحي الله تعالى، فقلت للملك الذي نبأني بهذا: أيها الملك كيف سم الله اسم السفياني وأسماء قواده، وأسماء الذين يكونون في زمانه، وبين أمرهم كله، ولم يسم اولئك الملوك الذين ذكرهم، ولا سمي قوادهم ولا كناهم؟ فقال: لا علم لي بذلك.
قال دانيال: فسألت الله عز وجل أن يبين لي لم ذلك؟ فعاد الى الملك، فقال: يقول لك الله تبارك وتعالي: ان الملوك لهم من يكيدهم حسدا لهم، فاذا سمي الملك منهم وعرف باسمه وصفته، فسحده حاسد من أهل بيته أو من عدوه، أقبل قبله ليقتله، فأخفيت أسماءهم لأهل بيت كل ملك منهم يرجو أن يملك من بعده، فمن أراد أن يكيده من أهل بيته أو من عدوه اذا عرفه باسمه وصفته كاده، واذا لم يعرف ذلك لم يكده، والله لطيف بعباده لأنه رحمن رحيم، فعال لما يشاء، وهو علي كل شيء قدير.
فالي هاهنا انتهي حديث دانيال عليه السلام؛
<< ثم ان بعض بطارقته يشد علي ذلك الملك، فيقتله بغير اذن ملك الروم، فخبر بذلك ما فعل هذا البطريق فيقول له: أقتلت رجلا قد أجرته؟! فيقول له البطريق: أما انك قد وفيت له أنت، وأما أنا فاني انما قتلته عن غير رأيك، وعن غير أمرك، فلا عتب عليك في قتلي اياه، لأنك لم تغدر به.
فاذا قال (قال) له علماء أهل ملته من الروم: صدق أيها الملك، ما عليك في ذلك عتب. فيمسك عنه.
ويكتب الى الحسني، فيعلمه ما فعل ذلك البطريق، ويسأله الصلح والانصراف عنه.
ويرسل اليه الحسني: لا صلح بيننا وبينك الا أن تدخل في الاسلام فتسلم، فان فعلت ذلك، والا حاربنك حتى نقتل أو يظهرنا الله عليك، فان لنا بذلك وعدا من الله لا يخلفه، انه ينصرنا عليك.
فيقرأ ملك الروم كتابه علي بطارقته، ويقول لهم: ألم أقل لكم: انه انما يقاتلكم علي ترككم الدخول في دينه؟ فقاتلوا الآن بنية صادقة، فانا علي ما هم عليه من قتالهم ايانا علي ما وعدهم الله بزعمهم، فانا علي مثل ذلك من ميعاد الله ايانا.
فيجيبونه الى ذلك، ويقاتلون الحسني بجد وبصيرة، فيشتد القتال حينئذ بينهم.
ثم انه يخرج علي الحسني باصفهان رجل كذاب يقال له (المحق) وكراد وصعاليك الجبال، ويخرج في اصطخر من فارس (النغاف) (في) خمسة آلاف من الناس من أهل فارس، ويخرج عليه قوم من (المطوعة) فيقاتلون (النغاف) فيهزمهم النغاف، ثم تخرج (الخوارج) باليمامة، وببلاد اليمن، وبأرض الموصل من الجزيرة.
ويوجه صاحب الحسني الذي في كل وجه من هذه الوجوه الى الذي خرج في أرضه، فيحاربه فيهزمه الخارجي، ويكتب كل الى خليفة الحسني، فيكتب خليفة الحسني الى الحسني وهو في أرض الروم بذلك، ويعلمه أن فيهم رجلا يفعل بالسحر، ويفتن الناس بذلك، وهو باصفهان، وهو رجل كذاب يقال له (المحق) فالله الله في القدوم، فان قتال هؤلاء واجب، أهم من قتال الروم، وتكثر الخوارج في الأرض.
ويخرج بالشام رجل من جذام يقال له (روح بن بنانة) ويخرج ببرقة رجل من لخم يقال له (أوس بن شداد) فيطرد كل واحد من هؤلاء - أصحاب الحسني - ويكثر القتل وسفك الدماء والفساد، ويخرج ذلك الاصفهاني بسحره وكذبه الى الناس، فيريهم من آيات سحره العجائب، ومن ذلك انه يدعو الطائر من الهواء، فينزل اليه، ويدعو الحوت فتخرج اليه من الماء، فتعظم الفتنة لذلك.
ويكتب الى الحسني بذلك، وقد افتتح الحسني قسطنطنية، وهرب ملكها، وقد قسم السبي، وغنم ما يعجز عن قسمته، حتى يكيل الذهب والفضة بكيل بالترسة،فيدعوا الجماعة من أصحابه فيقول لهم: هذا الذهب، وهذا الورق، يطول وزنه علينا، فخذوه واقسموه بينكم، ويكيل ذلك لهم بالترس.
ويأتيه خبر هؤلاء الخارجين في أرضه، فيخل ما في يديه، ويأخذون ما خف عليهم، ويقبلون فيجدون الأرض مثبطة حوبا هي أشد من حرب السفياني، وفي كل بلدة قتال، من خارج من أهلها، وباغ عليها غير أهلها، فيفرق الحسني أصحابه في هذه الوجوه، فيقاتلون من خرج فيها، وذلك في شهر رمضان في أيام حارة، وينكسف القمر في ليلة الأربعاء، وهي ليلة ثلاث عشر من شهر رمضان، فيقول الحسني لأصحابه: يا قوم أحسنوا الظن بالله عز وجل فقد عهدنا مع آبائنا، فلم نسمع أن القمر انكسف مرتين في ليلتين متتابعتين الا في شهرنا هذا، فهاتان آيتان من آيات الله تعالى، فجدوا في جهاد أعداء الله، ودعوا الرغبة في الدنيا.
فيجتهدون في الصوم والصلاة في ليلة الجمعة ليلة النصف من شهر رمضان، فاذا مضي الثلث الأول جاء صوت من السماء لم يسمع الناس مثله، فيصعق فيه سبعون ألفا من الفسقة، ويعمي فيه سبعون ألفا، ويصم فيه سبعون ألفا، ويخرس فيه سبعون ألفا، وتنفتق فيه سبعون ألف عذراء، وذلك كل في أهل الفسق والمستحلين، ما حرم، فأما من تعوذ بالله وتضرع اليه، وأحسن عمله، فان الله ينجيه من ذلك، ومما هو أشد من ذلك.
ثم اذا كان عند طلوع الفجر من تلك الليلة كان صوت آخر غير الصوت الأول، وكان بعده ظلمة الى طلوع الفجر، كان الأول صوت جبرئيل صاح صيحة كان فيها الذي كان، ثم سمع فيه صوت يقول:
(لا اله الا الله نجي أولياء الله وهم قائلوها).
وكان الصوت الآخر صوتا مهولا لم يصعق فيه أحد، ولا عمي ولا صم ولا خرس ولا انفتقت فيه عذراء، وكان في آخره ظلمة، وسمع فيه صوت يقول:
(لا تخافوا أقبلوا علي لهوكم، وتمتعوا فان الأصوات التي سمعتموها انما هي صوت الجن يلعبون في الهواء).
فالصوت الأول هو صوت جبرئيل يثبت المؤمنين والمؤمنات.
والصوت الآخر صوت ابليس يثبت أصحابه علي المعاصي
ويفرق الحسني أصحابه يجاهدون الخوارج في كل موضع خرجوا فيه، ويتوجه هو بنفسه الى ذلك باصبهان، فيلقاه فيقتله، ويقتل أصحابه الا من هرب، وذلك في أول شوال.
ثم اذا كان في النصف من شوال كانت المعمعة الكبري، والطامة العظمي.
ويتوجه الحسني الى الذي بفارس، فيصطلمه ويصطلم عسكره من هرب منه.
ثم يكون في النصف من ذي القعدة زلازل، وصواعق، وخسف في بلدان الأرض كلها؛
ويكون في ذي الحجة المعمعة الثانية، وهي أطم من الاولى وأهول.
وفي المحرم تسلب أهل مكة ما حول البيت، ويسلب الحرم، وتنهب الأعراب دور أهل مكة، ثم يجتمع أهل مكة ومن حولهم، فيخرجون خلفهم، ويعينهم الله عز وجل بالريح والتراب، فيقتلون اولئك الأعراب، ويأخذون جميع ما كانوا قد أخذوا منهم من الأبل والسلاح وغير ذلك، ويرجعون غانمين.
ويخرج أصحاب الحسني في كل وجه من الوجوه، ويفتحون البلدان، ويصفو الأمن للحسني، وقد كان ملك الروم لما بلغه عن الخوارج قد خرجوا علي الحسني، حلف - وهو بالرومية خلف قسطنطينة- أن يخرج الى أرض الاسلام، فيغلب علي ما قدر عليه من مدنها، ويدخلها كما دخل الحسني قسطنطينة، ويرجع الى (قسطنطينة) ثم يجمع بطارقته وجنده، ويسير الى (طرسوس) ثم يخرج منها حتى يأتي الفرات، ويمهله الحسني حتى يأتي (حران).
ثم يأخذ عليه الحسني من ورائه ومن قدامه، فيقتل أصحابه، ويأخذ صلبانهم، وينزع ملك الروم ثيابه، ويلبس ثياب أهل طرسوس، ويتزيا بزي أهل الثغر، ويتقلد سيفا، ويركب بغلا، ويلطخ فمه بدم، فكلما تلقاه رجل من المسلمين، أومي اليه بيده، كأنه يسلم عليه ويدعو له، فيظن أنه رجل من أهل الثغر قد أصابه ذلك في جهاده الروم.
فلا يزال كذلك حتى يأتي طرسوس، ثم يضرب الى الروم، وينادي الروم، ويسأل: هل رأيتم الطاغية؟ فيقولون: هرب، ولو كان في القتلي لوجدناه. فيولي الولاة ويوجههم في وجوه بلاد الاسلام كلها، وقد استقام أمر الاسلام كله.
ثم يخرج في أصحابه، فيجاهد الروم، ويرسل اليه ملك الروم بحيلته التي نجا بها، ويسأله الصلح أو الرجوع، ويخوفه فساد بلاده، ان هو اشتغل بقتال الروم، فيقول: لسنا نقاتلك علي الأموال والغنائم، انما نقاتلك علي أن يكون الدين دين الاسلام، وتقر بكلمة الاخلاص، وهو قول: (لا اله الا الله وحده لا شريك له (وأن محمدا عبده ورسوله) وأن عيسي بن مريم عبد الله ابن أمته، وكلمته وروحه، ابن العذراء البتول التي لم يمسسها بشر، كون الله منها المسيح كما كون الله آدم من تراب، فجعله بشرا، ثم كون من آدم حواء زوجة، ثم كون منها هذا الخلق كله، وجعلهم قبائل وشعوبا وامما، ثم فرق لغاتهم، وهو بكل شيء منهم ومن غيرهم عليم، ولو شاء لجعلهم امة واحدة، ولكن يدخل من يشاء في رحمته).
فنحن ندعوك وأهل ملتك الى دين الاسلام، فان أحببت قبلنا ذلك منك، وخلينك وأرضك، وأديت الينا مثل أهل ملتنا من الخراج المعلوم، وان أنت أبيت الجزية فالحرب بيننا وبينك أبدا حتى ينصر الله أحب الفريقين اليه، ولنا النصر، ولمن قتل منا الجنة، وان نصرت علينا فلنا الجنة لصبرنا وبصيرتنا.
فيقرأ ملك الروم كتابه علي بطارقته، ويقول: ما يكون هذا أحرص علي الجهاد منكم؟ فيقولون له: صدقت، فأخرج بنا اليه.
فيجتمعون ويخرجون الى الحسني في ألف صليب، تحت كل صليب جمع كثير، ويلقاهم الحسني، فيقتل منهم كل يوم مقتلة عظيمة، وينهزمون ويتبعهم حتى يبلغ بهم القسطنطينة، ثم يحاصرهم في مضيق عليهم، ويسألونه الصلح، فيأبي عليهم، فينهزمون عنها الى (رومية) ويخلونها له، فيدخلها في أصحابه، فيهدمون بيعتها العظمى بعد أخذهم بيت مذبحها وصلبانه، ويخربون القسطنطينة، ويهدمون سورها، ويقيمون فيها وفيما حولها، ويريدون المسير الى (رومية) فيرسل الحسني جيشا الى ملك الصقالبة، فيهزمونه أيضا، ويأخذون بعض بلاده.
ويخرج باصطخر من فارس، رجل أعور يدعي أنه الدجال، ويسمي نفسه فيقول: (أنا الاله الدائن لأهل الأرض من قبل اله السماء) !!
فيتبعه غوغاء الناس والكراد والزط وجهال الجبال، فيكثر أتباعه، ويغوي الناس، ويكثر فساده في الأرض.
وتخرج بالأهواز امرأة يقال لها (حميدة) في اناس يزعمون أنهم من العرب من الأزد، تقول: أنا ناصرة أهل الدين، اقاتل علي دين الحسني من قاتل الحسني. فتجبي الخراج وتقسمه في أصحابها، ويكثر أتباعها.
ويخرج (الأصهب) بدمشق في خمسين ألفا مخالفين للحسني.
نكمل معا لنعرف ما جاء في أمر الدجال ونزول المسيح
ثم يخرج بأصفهان (الدجال الكبر) وهو من أعلم السحرة، معه ابليس ومردة أصحابه، وسحرة الجن، ويجتمع اليه سحرة الانس، يحشرهم اليه الشياطين ومردة الجن، عن يساره ابليس، فيحلون علي الناس ما يرون منهم أنه الحق، ويهيئ الدجال من شيء من الأطعمة والأشربة في مضارب وفساطيط، وذلك أنها تتخذ من كل ما يأخذ من الناس من الأموال والأنعام من الغنم والبقر والابل وسائر الأموال، ويتخذ منها الخمور والعسل والسكر في الخزائن التي معه، ويذبح له من البقر والغنم ومن الجدي والحملان، ومن الطير ما يريد أن يغوي به الناس، ويهيئ من الأخبصة والفالوذجات وألوان الحلوي، وأنواع الفكهة، ويجلب له من ألبان البقر والغنم ما شاء في الوقت الذي يريده طريا، وغير مهيأ، ويشبه علي الناس أن معه الجنة، ويدعو بالذي يريد من ذلك، فيؤتي به فيطعم أصحابه ومن اتبعه ألوان الأطعمة.
وقد اتخذ قدور من نحاس تحتها الفحم، فمن أبي أن يؤمن له أمر به أن يدخل جهنم، وله بيت من صفائح الحديد، وأرضه أطباق الحديد مثل السرير، وفوق الصفائح قدر كبيرة علي هيئة القبة علي هذه الصفائح، فقد صار بيتا من حديد، فمن يريد ادخاله فيه، يأمر فيوقد تحته حتى يحمر فيصير مثل النار، ويأمر فتملأ تلك القدور الماء، ثم يغلي ويطبخ الصبر مع الزرنيخ والسقمونيا جميعا، فاذا أتي من لا يؤمن له، يقول لأصحابه: أدخلوه جهنم! فيدخل الى ذلك البيت، وقد احمي، فيحترق ويقول: صبوا علي رأسه من الحميم! فيصب علي رأسه من ذلك الماء المغلي، ثم يقول: أطعموه من الزقوم والضريع! فيطعم من ذلك الصبر والزرنيخ والسقمونيا، فلا يزال كذلك حتى يموت، أو يقول: أنا اؤمن لك، فان آمن به، هلك وفتن الناس، وأطعمه من الذي يزعم أنه من الجنة من الأطعمة والأشربة من الخمور والألبان والفوكة والحلوي، ومن ألوان الطيب والرياحين والأدهان، وألوان اللباس والحلي والحلل، والدر والياقوت والمرجان الذي أخذه من الناس.
ويري الناس بسحره أنه يحيي ويميت، ويعذب بالنار، ويكرم بالجنة، وهو شاب أعور العين اليمني فيها بياض، والعين اليسري كأنها كوكب حسن يسحر أعين الناس، فيصير في عين من يراه مثل الجبل العظيم، ويريهم من سحره أنه علي حمار أشهب في ظهره مثل السرج، ولجامه لسانه، وفيه حلقة، يخيل اليهم من سحره أنها حلقة فضة، فيها سيران من حرير أخضر وأحمر وأصفر، ويرون حماره ذلك مثل الجبل العظيم، طوله ميل، وعرضه مائة ذراع، واذنيه مثل الجبلين العظيمين، يستظل تحت اذن حماره امة من الناس، وكل ذلك بسحره يخيل للناس أنه علي ما يرونه، وانما هو في نفسه كسائر الناس، وحماره مثل سائر الحمير، الا أن ذلك سحر سحر به أعين الناس فتنة للمفتونين.
ولباسه أخضر، وعلي رأسه طيلسان أخضر، وكذلك لباس أصحابه الطيالسة الخضر، وكثر أتباعه اليهود، والمجوس، والزنادقة من النصاري، وكل فاسق.و يجتمع اليه هؤلاء الكذابون، ويجول البلدان، فلا يدع بلدة بين اصبهان وما دونها الى الموصل والجزيرة والشام ومصر وأرض الحجاز، ويتحول من بلد الى بلد، يقول: أنا اله الأرض! فمن تنحي عن طريقه سلم منه.
فيخرج من اصبهان الى أعراق بابل من ناحية الأهواز، ثم الى فارس، ثم يرجع الى الري من خراسان، ثم يصاعد الى أرمينية، ثم ينحدر الى الجزيرة، والي الموصل، ثم يخرج الى الحجاز، فاذا بلغ مدينة النبي صلى الله عليه وآله وسلم استقبلته الملائكة فتسفع في وجهه ووجوه أصحابه بأجنحتها فيرجع عنها.
ثم يسير الى مكة، فتسفعه الملائكة بأجنحتها، فيرجع عنها، ثم يسير الى بلاد اليمن، ثم يسير علي البحر حتى مصر، ثم يخرج الى الشام، والحسني والمؤمنون معه من خلف هذا الساحر الأعور يطلبونه وينادون:
يا أيها الناس لا تغتروا بهذا، فانه الدجال الأعور الكذاب المفتن، فتنحوا عنه ينجيكم الله من فتنته وسحره؛
يا أيها الناس انه مكتوب بين عينيه (هذا الدجال الكذاب الكافر بالله) يفتن كل ضال، فأما المؤمنون فانهم يعرفونه ويبرأون الى الله عز وجل منه.
ولا يزالون خلفه علي ذلك، ويكثر في ذلك الوقت الفجور والفسوق والزنا واللواط حتى أن الرجل ليلقي المرأة في الطريق فيقع عليها، فأمثلهم من يقول له: لو نحيتها عن الطريق!!
والدجال يخيل للناس أن معه جنة ونار، وليس كما يقول، بل ذلك سحر به أعين الناس، فمن افتتن دخل تلك التي يزعم أنها جنة فهي النار، ومن سلم عن فتنته دخل تلك النار التي يزعم أنها النار فهي الجنة.
ويتفرق أصحابه في الطريق، ومعهم المزامير والطبول والبوقات، وكل صنف من الملاهي، فيضربون بطبولهم، وينفخون بتلك البوقات والقرون والمزامير. والمسلمون مع الحسني يكبرون الله، ويسبحون ويهللون حتى اذا بلغ الدجال موضعا من المقام يقال له (باب لد) يريد دخول بيت المقدس، تلقاه (الخضر) المعمر، وناس من الأبدال، فيقولون له:
يا دجال! فتنت الناس بسحرك، وانما أنت كافر كذاب ساحر.
فيقول: بل أنا اله الأرض! فيقول له الخضر: ان كنت الها في الأرض، أفتقدر أن تميت نفسا ثم تحييها؟ وما أقول لك غير هذا.
فيقول له: نعم! فيقول له: فأمتني من غير ذبح، ولا قتل، كثر من أن تقول لي: مت، فأموت، ثم احي، فأحيا، والا فقل لما شئت من خلق الله تعالى من البقر والغنم: مت، فيموت، ثم قل له: احي، فيحيا، ان كنت صادقا.
فيغضب عند ذلك، ويأمر بضرب عنقه، فيفعل به ذلك، فيحييه الله من ساعته.
فيقول للناس: يا أيها الناس، ان الله أحياني، وقال لي: قل للناس انه قتلني وأحياني الله، ليتبين لكم أنه كذاب، فليقتلني الآن مرة اخري، ثم يحييني ان كان صادقا، فان الله عز وجل قال لي: انه يقتلك، ثم لا يقدر أن يحييك، ويهلكه الله بعدك وجميع أصحابه، ولا يمهل أحدا منهم بعد قتله ايك، ولا يحييك لهم، بل يلحقك بالأنبياء الشهداء الصالحين.
فيدهش الدجال عند هذا الكلام، وينبهت، فيضرب عنقه ولا يقدر أن يحييه، وينزل المسيح عيسي بن مريم في غمامة بيضاء، يراها جميع أهل الأرض من المشرق والمغرب، وينادي مناد:
يا أيها الناس هذا المسيح عيسي بن مريم العذراء البتول، الذي كونه الله من غير أب، قد أنزله الله لقتل الدجال الكذاب، ويقيم لكم اماما يدين بدين الله القيم، فاسمعوا له وأطيعوا، فقد أذهب الله الكفر والشرك وأبطل الباطل، وأظهر الدين الذي لا يشوبه شرك ولا كفر ولا نفاق بعد اليوم، ولا يبقي كافر ولا مشرك الا نادي ذلك الموضع، بيتا كان أو بقعة من الأرض، أو شجرة أو دابة:
يا مؤمن، هذا الذي تحتى كافر فتعالوا فاقتلوه.
يسمع ذلك النداء أهل الأرض، فيفهمه أهل كل لغة بلغتهم؛
ثم ينزل عيسي ومعه عكازة في طرفها زج، فيقمعه بها بضربة بعرض العكاز، فيذوب علي حماره، كما يذوب الشمع اذا أصابته النار، ويرونه في صورة واحد من الناس، ويرون حماره كصورة الحمير، ثم يقع حماره فيذوب.
ثم يقول عيسي للحسني وأصحابه: دونكم أصحاب الدجال، وكل من لا يقول: (لا اله الا الله وحده لا شريك له) فاقتلوه.
فيضعون فيهم السلاح فيقتلونهم عن آخرهم.
ثم يقول المسيح عيسي للحسني وأصحابه: قد قضيت ما عليك، ووجب أجرك، وهذا آخر يومك من الدنيا. فيأتيه ملك الموت فيقبض روحه بأهون ما قبض روح أحد من الناس، طيبة بذلك نفسه؛
ويقول المسيح لأهل بيت الحسني بن محمد بن عبد الله، وامه فاطمة بنت محمد بن السبط الأصغر من ولد فاطمة بنت الرسول الامي عليه السلام، فيقوم فيقول لنا: عيسي بن مريم روح الله، وكلمته وعبده ورسوله، فيقول له:
تقدم فصل بأصحابك. فيصلي ويصلي المسيح خلفه.
ثم يأمر الناس بالبيعة له، فيبايعه كل من حضره، ثم يقول: جهز الآن صاحبك وابن عمك الحسني، فيغسله ويكفنه، ثم يصلي عليه هو وأصحابه والمسيح بن مريم.
ثم يأمر الامام بقتل الخنزير، وكسر الصليب، وهدم كل بيعة وكنيسة، وبيت نار، وقتل كل من لا يدين بدين الاسلام، ولا يبقي كافر ولا مشرك ولا منافق الا ولي (عن) عتبة الموضع الذي هو فيه، فاذا سمع أن الموضع الذي هو فيه ينادي باسم ذلك الذي فيه اختبأ، قتله المؤمن الذي يسمع ذلك.
ثم ان الروم، والصقالبة وجميع الامم اذا سمعوا أن الامام يدعوهم الى الاسلام أجابوه طوعا للذي قد سمعوا من المسيح عيسي حين نادي بذلك وهو علي الغمامة البيضاء.
ما جاء في الخلفاء الإثنى عشر وبقية العلامات
ثم ان المسيح يأخذ ابليس، ويقول للامام: خذ هذا فاذبحه، فيأخذه الامام فيضجعه، فيذبحه علي صخرة بيت المقدس،ويموت حينئذ جميع أصحابه من الشياطين، ويدخل جميع الناس من جميع الدنيا وملوكها في الاسلام، ويذهب الجور ويحيي العدل، ويموت كل مؤذي من السباع والهوام حتى الذباب والنمل والبعوض وكل مؤذي، وتفشو الأمنة في الأرض كلها، ولا يبقي عاق، وتظهر الأرض كنوزها وبركاتها، وتنزل الرحمة، وتخصب الناس فلا يكون في الأرض فقير ولا مسكين، ويقسم المال بالسوية، ويذهب من الناس التجبر والسفه، ليتم الله كلمته: (أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)وقال: (وعد الله الذين أمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فاولئك هم الفاسقون)()
فلا يزال الامام الأول يدين بالحق، ويقضي بالحق حتى اذا دنا أجله يلقي في قلبه، فيوصي ويستخلف علي الامة رجلا من أهله، فيقوم مقامه كذلك.
ثم كذلك يفعل عند حضور أجله، يوصي ويستخلف كذلك حتى يملك من السبط الأصغر خمسة.
ثم يوصي آخرهم الى رجل من السبط الكبر، فيسير سيرة الامام الأول، ثم كذلك من بعده حتى يملك منهم أيضا خمسة أئمة.
ثم يوصي آخر الخمسة بالخلافة لرجل من السبط الكبر، فيملك الأول، ثم ولده من بعده، فيتم بذلك أثنا عشر ملكا،(4) وكل ولد منهم امام مهدي رشيد مرشد، فاذا ملك السبط الأصغر، كان عماله من السبط الكبر، وكذلك اذا ملك السبط الكبر، كان عماله من السبط الأصغر؛
فاذا هلك آخرهم الذي من السبط الأصغر، يطلبون من يولونه مكانه من السبط الأصغر فلا يجدون في جميع الأرض منهم أحدا، قد أبادهم الموت، فلم يبق من السبط الكبر ولا من (السبط) الأصغر، فيطلبون من ولد أعمام النبي، فلا يجدون منهم أحدا، قد مات بنو هاشم، فلم يبق من نسلهم أحدا، فيطلبون من بني امية فلم يجدوا منهم أحدا.
فيقول لهم رجل كان مولي للذي مات من السبط الأصغر: اطلبوا في بطون قريش من وجدتموه من قريش فولوه، فان نبيكم قال: (ان الأئمة من قريش) فيطلبون قرشيا في الأرض كلها فلا يجدون قرشيا، قد أفناهم الموت.
فيقولون لذلك المولي: أنت عبد الله. مولي الآخر من ملك من السبط الأصغر، وأنت عتاقه، وقد كان يقدمك ويستأثرك ويعمل برأيك، ومولي القوم من أنفسهم، فقم مقام مولك، فان الامة لابد لها من امام يقوم بأمر امة محمد.
فيأبي ذلك، فيقولون له: لا نتركك، ولن يحل لك أن تمتنع، فانك ان لم تفعل ضاع أمر الامة. فيكرهونه علي ذلك، ويبايعونه، ويولونه أمر الامة، فيليهم ويسير فيهم بسيرة مولاه علي منهاج الأئمة الذين من ولد بنت النبي الامي صلى الله عليه وآله وسلم.
قال دانيال: ولم يبين لي كم ملك كل واحد منهم، ولا سموا لي بأسمائهم، الا أن الملك الذي نبأني بهذا (عن الله)عز وجل قال لي:
(انهم يملكون بدل ما ملك الذين من قبلهم بالسنة سنتين، وبالشهر شهرين، وباليوم يومين).
فيليهم ذلك المولي، ويسير بسيرة أصحابه المهديين ما بقي حتى يموت، ويقل الرجال، وتكثر النساء في زمان ذلك المولي، ويكثر الفساد في الأرض، ولا يقدر ذلك المولي بضبطهم بالعدل، ويظهر الفاسق والفاجر والمنافق في زمان ذلك المولي، ويحج ذلك المولي فيمن معه من أصحابه، ويتبعه جماعة من أهل الفسق، فاذا قضي مناسك حجه رأي من اولئك ما أنكره في أمر الدين، فهم أن يعاقبهم، ثم يخاف أن يكون ذلك الذي رآه منهم ظنا غير يقين، فيترك معاقبتهم من أجل ذلك.
فعند ذلك تخرج دابة الأرض من الصفا والمروة لها رغاء كرغاء الجمل الهائج، وهي علي خلقة الجمل الأبيض، الا أنها أحسن وألطف من الجمل علي لون الغزال الأبيض، لها جناحان تطير اذا أرادت، فتقبل علي الناس فتقول:
يا أيها الناس لا بأس عليكم مني ان الله تبارك وتعالي أرسلني اليكم لأنكم لا توقنون بآيات الله، وفيكم من يقول: لا اله الا الله غير أنه علي خلاف الاسلام والايمان بالله، فأرسلني لابين المؤمن من المنافق، والكافر الذي لا يؤمن بالبعث يوم القيامة فقفوا.
فاذا قالت ذلك لم يقدر أحد سمعها تقول ذلك الا وقف، فتأتي الانسان فتنقر في جبهته، فيصير موضع نقرتها نكتة بيضاء في جبهة المؤمن حيال أنفه، وتصير في جبهة المنافق والكافر نكتة سوداء.
ثم تغيب تلك الدابة فلا تري، ولا يبقي مؤمن في شرق الأرض وغربها الا صار في جبهته نكتة بيضاء ان كان مؤمنا، وفي جبهة الكافر والمنافق سوداء، فيأمر ذلك المولي بقتل كل من في جبهته نكتة سوداء، ولا يعرض لمن في جبهته نكتة بيضاء رجلا كان أو امرأة، صغيرا كان أو كبيرا، حتى المؤمنات من النساء والكوافر والمنافقات لأن في الأرض من الناس من لا تبلغه دابة الأرض، فيجعل الله في جبهة كل امريء من المؤمنين والمؤمنات نكتة بيضاء، علامة يعرف بها ايمان كل مؤمن ومؤمنة، صغيرا كان أو كبيرا، أو امرأة كان أو رجلا، ويكون في جباه المنافقات والمشركات والكوافر من النساء نكتة سوداء، علامة يعرفن بها.
ويأمر بذلك حيث انتهت ولايته، وحيث بلغ سلطانه من الأرض، ويموت أهل العلم والمعرفة بالله، وقراء القرآن، فيذهب القرآن، فلا يبقي كتاب فيه شيء من كلام الله الا درس، الا أن ذلك المولي يحفظ من القرآن ما يصلي في أصحابه به.
ثم يموت ذلك المولي فيصلي عليه أصحابه ويدفنونه، ولا يخلف ولدا، ولا يجدون مثله، فيقولون لخير من بقي منهم: كن امامنا. فيأبي ذلك، ويقول: ليكن كل رجل منكم امام نفسه! فيتفرقون علي ذلك.
ويدرس الدين بذهاب أهله، فلا يبقي الا اسمه، ويذهب أهل السنة بالموت الا أن في الأرض اولئك الذين قد بقوا من المؤمنين، ثم يفنيهم الموت الا اليسير من أولادهم، لا يكون عددهم مائة نفس.
ويكثر أهل الشرك والكفر، وفي جباههم نكت سود في كل ناحية من نواحي الدنيا، والناس علي ذلك لهم أسواق يتبايعون الأمتعة والأطعمة وغير ذلك.
ثم يأذن الله (ليأجوج ومأجوج)أن ينقبوا السد الذي بناه ذوالقرنين فيخرجون من كل حدب، ويكثر فسادهم في الأرض، فلا يبقي طعام الا كلوه، ولا ماء الا شربوه؛
فبينما الناس كذلك اذ طلعت الشمس من مغربها في غداة يوم الاثنين لثلاثة عشر يوما خلت من ذي الحجة، وقد كانت تلك الليلة ليلة ثلاث عشر طالت علي الناس، ففزع الناس في الأرض كلها من ذلك حتى اذا بلغت الشمس وسط السماء، رجعت فغابت في مغربها!
ثم يطلع القمر من مغربه في ليلة أربع عشر، حتى اذا صار في وسط السماء رجع فغاب في مغربه في ليلة الاثنين، وتغور مياه الأرض، وتجف دجلة والفرات، فاذا صار يأجوج ومأجوج الى دجلة والفرات، لم يجدوا فيها ماء، فيمرون علي وجوههم، فيفسدون في الأرض، وتذهب بركات الأرض وسائر نباتها، ولا تبقي حينئذ مدينة ولا قرية الا كان فيها خسف وقذف، وصواعق وزلازل من نقم الله - في كل كتاب أنزله من قوله: (وان من قرية الا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا) -.
وقد امتلأت الأرض من نسل يأجوج ومأجوج، وتسلطهم علي الخلق، يموج بعضهم في بعض، قد خلت لهم الدنيا واستولوا عليها بكثرة عددهم، وشدة كلبهم.
ويكثر ولد (حام بن نوح) من السودان، ويخرج رجل منهم في خلق كثير من الحبش، فيأتي بهم مكة فيدخلونها، فلا يبقي أحد الا أهلكوه، ثم يصعد ذلك الحبشي فوق الكعبة التي بناها ابراهيم خليل الرحمن عليه السلام، فيضرب بمعول معه ليهدمها، فتجف يده، فيقول لأصحابه: دونكم فاهدموا.
فيأخذون معاولهم ويصعدون الى الكعبة ليهدموها، فيرسل الله عليهم صاعقة من السماء فتحرقهم أجمعين، ومع (أن) يأجوج ومأجوج في الأرض قد دمروا كل شيء في البر، وألجأهم العطش الى أن صاروا الى شاطيء البحر ليشربوا من مائه، وذلك أن الماء قد غار في الأرض، يرسل الله عليهم ريح السموم، وهي الدبور فتحرقهم في يوم جمعة، فتنتن الأرض من جيفتهم، ويبقي من بقي من ولد آدم ممن يقول: (لا اله الا الله محمد رسول الله) وهم قليل، ومع كل رجل منهم مائة امرأة قد ضمهن اليه، لأن الرجال ماتوا، وبقي نساؤهم علي الاسلام كلهم.
ثم يميت الله اولئك المؤمنين أيضا حتى لا يبقي من يقول: (لا اله الا الله)، فعند ذلك يغلق باب التوبة، فلا يقبل لأحد توبة لأن الله عز وجل قد علم أن أهل ذلك الزمان لا يتوبون، والناس يومئذ لا دين لهم ولا عقل، فيرسل الله عز وجل نارا فتسوق الناس من كل أرض الى أرض الشام، أرض بيت المقدس، فيملأون الشام الى البحر - بحر الروم - ويتخذون أسواقا يتبايعون، فبيناهم كذلك يوم الجمعة آخر يوم من ذي الحجة اذا صوت من السماء، فيصعق أهل الأرض وهم في أسواقهم فيموت جميع الناس، فهذا اليوم الآخر من الدنيا.
قال دانيال: الى هذا القول انتهي وحي الله تعالى، فقلت للملك الذي نبأني بهذا: أيها الملك كيف سم الله اسم السفياني وأسماء قواده، وأسماء الذين يكونون في زمانه، وبين أمرهم كله، ولم يسم اولئك الملوك الذين ذكرهم، ولا سمي قوادهم ولا كناهم؟ فقال: لا علم لي بذلك.
قال دانيال: فسألت الله عز وجل أن يبين لي لم ذلك؟ فعاد الى الملك، فقال: يقول لك الله تبارك وتعالي: ان الملوك لهم من يكيدهم حسدا لهم، فاذا سمي الملك منهم وعرف باسمه وصفته، فسحده حاسد من أهل بيته أو من عدوه، أقبل قبله ليقتله، فأخفيت أسماءهم لأهل بيت كل ملك منهم يرجو أن يملك من بعده، فمن أراد أن يكيده من أهل بيته أو من عدوه اذا عرفه باسمه وصفته كاده، واذا لم يعرف ذلك لم يكده، والله لطيف بعباده لأنه رحمن رحيم، فعال لما يشاء، وهو علي كل شيء قدير.
فالي هاهنا انتهي حديث دانيال عليه السلام؛
طائر السماء- كاتب وباحث
- عدد المساهمات : 65
نقاط : 358818
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 31/01/2015
مواضيع مماثلة
» سيف بن ذي يزن
» صدق نبوءات النبي
» كتاب فيه كل مايخص المهدي
» سلسلة الظواهر الغامضة
» كتاب المستطرف في كل فن مستظرف
» صدق نبوءات النبي
» كتاب فيه كل مايخص المهدي
» سلسلة الظواهر الغامضة
» كتاب المستطرف في كل فن مستظرف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس أبريل 19, 2018 9:33 pm من طرف صاحب سليمان
» كثُر ادعاء المهدوية ولا يمكن ان يكون بناءا على رؤى منامية | كثرة الرؤى إشارة بينة أن هذا زمان خروجه
الخميس أبريل 19, 2018 9:31 pm من طرف صاحب سليمان
» صفة وجود يأجوج ومأجوج من القرآن هل هم كما يًتصور "مقفولين أو تحت الأرض"؟ أم لا؟ وهل هناك مبرر لهذا الاعتقاد؟
الخميس أبريل 19, 2018 9:26 pm من طرف صاحب سليمان
» ظهر [ذو السويقتين] هَـادِمِ الـكَـعْـبَـةِ الرجل الأسود من الحبشة ومخرج كنوزها | من السودان وباسم سليمان
الخميس أبريل 19, 2018 9:24 pm من طرف صاحب سليمان
» المهدي المنتظر هو المسيح المنتظر هو عيسى بن مريم في ميلاده الثاني هو مكلم الناس,هو إمام الزمان وقطبه
الخميس أبريل 19, 2018 9:20 pm من طرف صاحب سليمان
» سيقول أكثرهم ما سمعنا بخبر المسيح, يقولون لو أنكم أصررتم وأوضحتم |ظهر المهدي المنتظر
الخميس أبريل 19, 2018 9:17 pm من طرف صاحب سليمان
» عاجل ,,,,مطلوب مشرفين ومدير لهذا المنتدى
الإثنين سبتمبر 25, 2017 12:48 pm من طرف هاني
» رحله بلا عوده
الجمعة مارس 17, 2017 7:57 pm من طرف أبو البقاع
» سؤال مهم لمن يعرف التاريخ البشري
الجمعة مارس 17, 2017 7:53 pm من طرف أبو البقاع