الخوف .. النبوءة التي تحقق نفسها

الخوف هو من أنماط السلوك الغرائزي غير الواعي في الإنسان وهو ليس حكرا فقط على ذوي الحال الضعيف الذين بسبب ضعفهم يخافون الأسوأ، فحتى من يتمتع بمقومات القوة إن لم يكن لديه وعي ناضج فهو أيضا ستكون أنماطه السلوكية السائدة متولدة عن مخاوفه، ففرعون الطاغية الأيقوني كان تصرفه من منطلق مخاوفه سبب زواله، فهو لما أمر بقتل الأبناء الذكور لبني إسرائيل خوفا من أن يولد فيهم من سيهدد ملكه صار سلوكه المتولد عن مخاوفه هو سبب زوال ملكه، (ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون). حتى أن الفيلسوف الإنجليزي ألدوس هكسلي ألف كتابا حول ما أسماه «الدكتاتوريات العلمية» في مقابل نمط «الدكتاتوريات التقليدية» التي تتصرف من منطلق خوف السلطة من أن تشكل حرية المواطنين تهديدا لها وبسبب قمعها المباشر هي تستفز المواطنين لبغضها والثورة عليها، بينما ما أسماها «بالدكتاتوريات العلمية» فهي التي تتصرف بناء على النظريات العلمية في التأثير الجماعي غير المباشر وتعمل على صياغة اتجاهات المواطنين عبر الطرق غير المباشرة كوسائل ونشاطات الترفيه فيحبها المواطنون. وفي العلاقات الدولية فما أسماه الرئيس الأمريكي بوش الابن «بسياسة الضربات الاستباقية» ضد الدول التي لديهم تخوف من أن تشكل خطرا إرهابيا كالعراق هي بذاتها كما قال المحللون أدت لتحقق ما كانوا يخشون منه، فالاحتلال استفز المزيد من العدائية تجاه أمريكا والرغبة في الانتقام منها على احتلالها. وبالمثل الآراء الفقهية التي منطلقها مخاوف توقع الأسوأ، وتعنيف الأبناء تخوفا من عقوقهم بالمستقبل، فالسلوكيات المتولدة عن المخاوف هي التي تجعل تلك المخاوف تتحقق.. وفي المقابل التصرف من منطلق حسن الظن وتوقع الأفضل يؤدي لتحقق الأحوال الفضلى المتوقعة.

إنني لم أعكر صفو حياتهم أبدا ، إنني فقط

أخبرهم بالحقيقة فيرونها جحيم
@

"جهلتَ و لم تعلم بأنكَ جاهلٌ
فمن لي بأن تدري بأنكَ لا تدري"
@

يقول سقراط أن الفضيلة هي المعرفة ، و أقول أن المعرفة هي الفضيلة